انا لنفسي وبك بقلم منى احمد حافظ
المحتويات
البناية أوقفها عمر وهو يتهرب من النظر إليها بوجهه الذي غزته الحمرة وهو الأمر الذي صعق دعاء ليزيد من صډمتها بقوله بصوت مضطرب
.. دعاء هو ممكن تقدمي لمايا الهدية دي بالنيابة عني وتفهميها أنها مني بس عايزك لو سمحت تخلي بالك وأنت بتديهالها ويا ريت ميكونش قصاد أي حد ممكن.
وافقت دون أن تسأله عن شيء وصعدت درجات السلم لتجد مايا تقف باستقبالها فاحتضنتها وهمست بأذنها بكلمات سريعة بوجهها المكتسب حمرته وسلمتها هديتها وهدية شقيقها لتزيد مايا من صدمة دعاء حين اتسعت ابتسامتها واحتضنتها بلهفة وعقبت بسؤالها
كادت عينا دعاء تغادر محجرها بسبب ما سمعته وكادت تسألها عن مغزى كلماتها ولكنها امتنعت حين ظهرت نادية وجذبت دعاء إلى الداخل ورحبت بها بحفاوة فتابعت مايا بوجه مذهول تصرف والدتها وأسرعت تتبع خطاهم كي تطمئن على صديقتها لتقف على مقربة منها حين رأتها تقدمها إلى عمتها وتجلسها بجوارها فابتسمت بإرتياح واستدارت تتحدث إلى إحدى زميلاتها ولم تلحظ مايا عمتها التي ربتت كتف دعاء ولا ميلها نحوها وهمسها بإذنيها فاضطربت ملامح دعاء كليا حين سمعتها تسألها
لم تصدق دعاء أذنها وحدقت بوجه تحية عمة مايا بدهشة ونجحت بإخفاء إحساسها بالألم وازدردت لعابها وأجابتها وهي تحدق بها بثبات وعلى ثغرها ابتسامة رضى
.. لا يا طنط أحنا من قنا وقبل ما حضرتك تسألي أنا لوحدي اللي اخدت لون سماري وراثة عن جدتي الله يرحمها إنما أخواتي وباقي العيله كلهم لونهم عادي فاتح مش أسمر.
.. يوة يعني ميجيش النصيب إلا فيك وتاخدي اللون الغامق دا يلا معلش بكرة ربنا يوعدك بواحد يرضى بلونك.
زادها جاوب تحية وتنمرها عليها ألما فارادت دعاء الانسحاب واستأذنتها وتركت المقعد في نفس اللحظة التي أشارت نادية إلى تحية فاتجهت الأخيرة إلى المطبخ واخذت تقص على سمع نادية ما فعلته فابتسمت نادية بسعادة وأردفت
ومن مكانها راقبت تحية مكان دعاء التي لازمت صديقاتها بجوار الباب وعادت بعينيها إلى نادية وأردفت
.. بصي أنا هبعت ملك بنتي تسحب مايا وأنت روحي للبت واطلبي منها تساعدك بحجة أنها الأقرب لمايا وبعدين وهي فالمطبخ نكمل الباقي زي ما اتفقنا ومتقلقيش ملك أنا موصياها هتعرف تشغل مايا ومصطفى عننا الشوية دول.
تجمدت دعاء بمكانها حين تسللت لسمعها كلمات تحية لتجهز عليها نادية بقولها
.. يوة يا تحية دا أنا غلبت معاه هو وأخته وقلت لهم عيب وكفايه كانوا بيزعلوا ويردوا عليا أنهم بيعملوا كده علشان بيرفعوا من روحها المعنوية
علشان متحسش أنها منبوذة من البنات والولاد وكل الكلام اللي كانت مايا بتقوله ليها كان علشان يعني يجبر خاطرها بس في الاخر لما لقيته بيتكلم عن أنه يخرج معاها ويقضي يومين كده تسلية وقفت له وقلت له لحد كده وكفايه ومسكت مايا قولت لها تروحي تعزميها على عيد ميلادك وتخديها اوضتك تفهميها الحقيقة وتعتذري لها ويا دار مدخلك شړ وإلا هخلي أبوك يتصرف معاك فضلت ټعيط وتتحايل عليا أني أروح معاها لحد بيتها ونعزمها سوا فسمعت كلامها وروحت وأهو مستنية تاخد دعاء أوضتها تعتذر لها قبل ما أخوها يعلن خطوبته على ملك بينتك قصاد الكل علشان الاحراج وكده.
زادت تحية من إضرام النيران بقلب دعاء وكسرها بقولها
.. ربنا يكون بعون البنت دا وأنا بكلمها حسيت إن موضوع لونها الغامق دا وملامحها مسبب لها عقدة واضايقت من نفسي أني اتكلمت معاها فيه دا أنا حتى كنت ناوية أقول لملك ترفض مصطفى علشان خاطر البنت ميتكسرش بخاطرها وكنت هتكلم مع مصطفى يطلب إيد دعاء ولو شهرين تلاتة علشان يعني ميبقاش باين عليه أنه كان بيتسلى وكنت هقوله يغير معاملته معاها واحدة واحدة لحد ما تسيبه هي.
صاحت نادية باستنكار مزيف وهي تختلس النظر نحو دعاء
.. لا يا تحية بالله عليك دا أنا عندي أروح أجيبها هنا وأقول لها الحقيقة إنه بيمثل عليها الحب ولا أنه يخطبها شهرين تلاتة البت مهما كان سمعتها هتبقى على المحك لو سابها وأنت عارفة الناس مش بتسيب حد فحاله الأيام دي وهيسألوا سابوا بعض ليه وبعدين أخاف لسوقها يوقف وتعنس ويبقى ابني السبب ومتبقاش فاهمة إن شكلها هو اللي مخليها في الخانة دي هو أنا عارفة أنها غلطانة بردوا علشان صدقت كلام ابني وكانت بتكلمه من ورا اهلها بس أنا مش هتعامل معاها غير على أنها زي بنتي بصي سيبي الموضوع يمشي زي ما أنا قولت لمايا وهي حرة تعتذر لصاحبتها وتقولها على اتفاقها مع اخوها وأنه كان بيتسلى وخلاص ودعاء بقى لو عايزة تقطع علاقاتها بيها يبقى أحسن إنما متحملش ذنبها أكتر من كده.
أحست دعاء وكأنها سقطت داخل قبو مظلم لا بقعة ضوء واحدة تنيره بل لا منفذ هواء بداخله فكانت أنفاسها تضيق بها شيئا فشيء لتنتبه أن وقوفها بالمنتصف سيفسر تفسيرا سيئا فتحاملت على ما تشعر به من ألم وعادت بخطى ممزقة إلى مكان زميلاتها ووقفت بجوار الباب تود التسلل لتفر من المكان كله لتغادر نادية وتحية المطبخ في نفس اللحظة التي غادر مصطفى وملك غرفته بينما ولجت مايا من الشرفة لتراهم دعاء من مكانها فتجمدت حين تقدمت نادية من ملك وقبضت على يدها بمحبة وبيدها الأخرى تمسكت بيد ابنها مصطفى ووقفت إلى جوارها تحية تقول بصوت واضح ومسموع
.. يا جماعة اسمعوا الخبر الجميل دا طبعا كلنا هنا علشان نحتفل بعيد ميلاد مايا بس كمان علشان نحتفل بخطوبة مصطفى ابن اخويا على ملك بنتي.
أغتالوها دون أدنى إحساس أو شعور بالذنب لم يرأفوا بقلبها الذي وئد بداخله حبها الوليد لمصطفى بلا رحمة تتسع الابتسامات فوق وجوههم بينما بداخلها ېصرخ وېنزف مټألما ويعلو صياح سؤالها يتردد لماذا هي لما أختار أن يخدعها هكذا وكيف لصديقتها أن تدعي محبتها وټخدعها وتأتي بها كي تدوسها الأقدام!
استندت دعاء إلى الحائط بينما حدق مصطفى بها پصدمة بعدما سحب يده من قبضة والدته بقوة غاضبا مما فعلته به بوضعه بتلك الصورة المهينة أمام نفسه وأمام دعاء بل هي أهانت والده بتقليلها من شأنهما أمام الجميع بينما سالت دموع مايا وهي ترى عينا دعاء المنكسرة والمطفأة كليا كأن الحياة غادرتها بلحظة لتنتفض مايا حين أتاها إشعارا من عمر يخبرها بأنه بطريقه إليهم فتقدمت نحو دعاء بخطوات ثكلى لا تعلم ما تقوله بعدما خدعتها والدتها كليا ثبتت دعاء بوجهها المتجمد رافضة أن تغادر مقلتيها دمعة واحدة وكافحت طويلا كي ترسم ابتسامتها فوق شفتيها حين أقتربت مايا بلحظة وصول شقيقها عمر ووقفت دعاء بينهما لتخطو بالنهاية صوب شقيقها دون أن تنبس بكلمة واحدة بينما سلبت ملامح مايا عقل عمر كليا ليسرع إليه مصطفى بنفس اللحظة التي ظهرت فيها نادية إلى جوار ابنتها تبتسم بشماته وظفر وتقول
.. مش كنت قدمت خطوة يا ابني أصل عقبالك ابني مصطفى خطب بنت عمته.
هنأه عمر بابتسامة وصافحه والټفت إلى شقيقته وأردف
.. مش يلا بينا يا دعاء.
هزت رأسها بالإيجاب وعقبت بصوت ثابت وكأنها فتاة أخرى لا يعنيها أي شيء مما حدث وقيل قبل دقائق
.. ايوة يا ابيه يلا بينا يا دوب نروح علشان ألحق اجهز الشنط آه والف مبروك يا ابيه مصطفى ومعلش أني مجبتش معايا هدية الحق على مايا صاحبتي هي اللي خبت عليا الخبر المهم دا وإلا كنت قومت مع حضرتك بالواجب.
انهت دعاء قولها وسارعت بنزول درجات السلم دون أن تلتفت
فلم تر نظرات الحزن التي سكنت وجهي مايا ومصطفى ولا الضحكة التي أنارت وجه نادية پشماتة ليتبعها عمر وهو يشعر بتوتر غريب بسبب نظرات نادية التي لم يلحظها من قبل مصوبة نحو شقيقته
4 الثمن قلبي..
طوال طريق السفر لا تشعر بشيء لا رغبة لديها بالحياة قلبها مصاپ بالكسر لا بل دهس أسفل أقدام الخديعة والإستهتار فكان ثمنا لسذاجتها التي جعلتها دمية بين يدا قلب عابث.
في حين حاول علي طوال الطريق أن يخرج شقيقته عن صمتها الغريب ولكنه فشل فنظراتها الزائغة وشرودها وملازمتها لجوار والدتهم حال دون أن يسألها عن سبب تلك الدموع المتحجرة التي رآها داخل عينيها ليسود الطريق صمت غريب بين أفراد الأسرة أستمر طوال ساعات السفر وما أن باتوا على مشارف قريتهم حتى اعتدل قبيصي وقال
.. دعاء أنا مش عايزك تبعدي عن والدتك ملي واحد طول ما احنا موجودين هنا ولو حتى مين من يكون اللي طلب منك أنك تروحي معاه فأي مكان ما دام لا معاك عمر ولا علي تقولي لأ وبصوت عالي كمان فهماني ولا أوضح لك بشكل أكبر.
أومأت بالإيجاب وهمهمت بموافقتها فربتت والدتها وجنتها وهمست
.. متقلقيش هما يومين هنقعدهم ونرجع كلنا بأمر الله علشان امتحاناتك ومذكرتك المهم تسمعي كلام والدك ولو حبيتي تخرجي يبقى رجل أخوك قبل رجلك وعموما أنا هاخدك تنامي فحضني اليومين دول علشان قلبي يبقى مطمن عليك.
تنفست دعاء بقوة وهي تفكر بأن بعدما نالت منها مايا وشقيقها بتلك القسۏة فلن تؤثر فيها أي خديعة أخرى وأومأت بموافقتها وتأييدها لتحذيرات والديها ولم تمض دقائق حتى صف عمر السيارة أمام منزل جده وغادروها لتستند بسمة إلى ساعد ابنتها بوهن فشعرت دعاء بالخۏف على والدتها لشحوبها الغريب ورجفة جسدها المستمرة ونظرت نحو شقيقها علي وأردفت
.. علي ساعدني أحسن ماما بترتعش قوي وأنا خاېفة عليها.
سرعان ما امتدت يدا شقيقيها ليساندا والدتهم نحو الداخل بينما ضم قبيصي ابنته إليه بقلق ولسانه يدعو الله بأمر تمر
متابعة القراءة