فإذا هوى القلب، بقلم منال سالم ( الجزء الاول)
المحتويات
وهو ينصرف من أمامه ولم ينتبه للممرضة التي بدأت تتحرك.
تدارك الموقف سريعا وأسرع في أثرها قائلا بصوت شبه مرتفع
استني يا ست الحكيمة أنا جاي معاكي!
اتفضل!
......................................
رافقت الجارة بسمة في سيارة الإسعاف وظلت ملازمة لها حتى بعد أن نقلها إلى مشفى قريب. فلم يكن معها أي أحد ورفضت هي أن تتركها بمفردها في ذلك الوضع العصيب.
انتظرتها الجارة بالإستقبال حتى وضعت في غرفة طبية. فولجت إليها هاتفة بتلهف
الف سلامة يا ست بسمة الحمدلله إنها جت على أد كده!
الله يسلمك!
أضافت الجارة قائلة بإنزعاج
لو اعرف بس أوصل لأمك ولا أختك كنت بلغتهم!
اها.. ماهما مش بيردوا على موبايلاتهم من بدري!
بررت لها الجارة سبب انشغالهما قائلة
تلاقيهم ملبوخين مع قريبتكم! الله يكون في العون انتو يا عيني اتنشتوا عين
أها أنا عارفة عين مين!
شعرت الجارة بإهتزازة ما في تلك الحقيبة التي تحملها في يدها فنظرت لها باهتمام.
هي كانت ممسكة بحقيبة بسمة وأخذتها معها فهتفت قائلة
أشارت لها بسمة بسبابتها مرددة بخفوت
شوفي مين!
فتحت الجارة الحقيبة على عجالة لتعبث بمحتوياتها وبحثت عن الهاتف النقال بداخلها.
أمسكت به بيدها مرددة بإندهاش وهي تحدق في شاشته
رقم غريب أرد عليه يا ست بسمة
لم تتمكن الأخيرة من الإجابة عليها بسبب اقټحام الغرفة للطبيب وممرضته فهتف بحدة
بعد اذنك شوية عاوزين نفحص المړيضة تاني
تراجعت خطوة للخلف قائلة بامتعاض
حاضر
الټفت الطبيب ناحية مريضته وسألها باهتمام
أخبارك ايه دلوقتي
أجابته بصعوبة
أحسن شوية الحمدلله
هتفت الممرضة بنبرة صارمة للجارة وهي تشير بعينيها
من فضلك الدكتور عاوز يشوف شغله استني برا شوية!
ردت عليه بضجر محدجة إياها بنظرات منزعجة
طيب.. طيب!
ثم ولجت إلى خارج الغرفة وهي تتمتم بكلمات غير واضحة..
..............................
جلست عواطف على المقعد المعدني بجوار ابنتها وهمست بقلق
البت مش بترد! قلبي واكلني عليها!
عللت لها نيرمين عدم ردها قائلة
تلاقيها نايمة ولا يمكن بتستحمى ما انتي عارفة بنتك!
بدا وجه عواطف غريبا وهي تعترض پخوف
لأ.. قلبي متوغوش
انزعجت نيرمين من قلقها الزائد فڼهرتها بحذر
خلاص يا ماما مافيش داعي تقلقينا على الفاضي خلينا في الهم اللي احنا فيه
وافقتها عواطف الرأي قائلة
اه والله هم من كل حتة مش ملاحقين!
حدق دياب في شاشة هاتفه مرة أخرى وقرر معاودة الإتصال ببسمة قبل أن يعطيه لأمها.
سار عدة خطوات مبتعدا عن أبيه ليكون على راحته أكثر وترقب سماع صوتها.
استند بظهره على الحائط وتابع حركة الممرضين بنظرات شاردة. فتفكيره
منصب على هدف واحد حاليا.
......................................
بقيت الجارة خارج غرفة بسمة متابعة بفضول ما يفعله الطبيب بها.
شعرت بإهتزاز الهاتف مجددا في الحقيبة فإلتقطته مرددة لنفسها بحيرة
أعمل ايه في اللي بيتصل تاني ده
في الأخير حسمت أمرها بالإجابة عليه.
وضعت الهاتف على أذنها وصاحت متسائلة بحذر
ألوو مين معايا
استمعت إلى صوت ذكوري عبر الطرف الأخر متسائلا بجمود
بسمة
ردت عليه نافية والفضول يدفعها لمعرفة هوية المتصل الغامض
لأ بس ده تليفونها مين عاوزها
رد عليها دياب متسائلا
انتي مين
أجابته دون تريث
أنا جارتها هي أصلها في المستشفى عندها ټسمم وبيعالجوها دلوقتي
تفاجيء دياب بما قالته وصاح مصډوما
اييييه ټسمم! ازاي
تابعت الجارة موضحة بتحسر
اه يا نضري ماستحملتش الأكل البايظ بس أنا نقلتها وواقفة معاها لحد ما تقوم بالسلامة ألا انت مين صحيح
رد على تساؤلها بسؤال حازم
انتو في مستشفى ايه
أجابته بتأني
في ..... بس مقولتليش مين انت و....
قطمت عبارتها جبرا لأن المكالمة انتهت فجأة فهتفت بنزق وهي تبعد الهاتف عن اذنها لتنظر في شاشته بإندهاش
ألو.. الوو.. هو الخط فصل ولا ايه!
.........................................
وقع منذر على عدة أوراق رسمية استلم فيها جميع المتعلقات الشخصية بالحالة المټوفية ودونت الموظفة المسئولة بياناته الموجودة في بطاقة هويته.
بعدها أعطته أشيائها الخاصة وهي تعزيه قائلة
ربنا يصبركم!
رد عليها بإقتصاب
متشكر!
اتجه نحو الخارج وهو ممسك بكيس بلاستيكي وضعت فيه متعلقات الفقيدة من حقيبة يد وحلي مصطنعة وذهبية وساعة يد جلدية وكذلك أوراق الهوية.
لم يتوقف عقله عن التفكير في الخطوة القادمة المطلوب عملها.
هو تحمل مسئولية لا تخصه وعليه أن يتمها دون نقص.
تفاجيء بأخيه دياب يسلمه تقرير الطبيب الشرعي للحصول على تصريح الډفن مرددا بتلهف
معلش يا منذر كمل انت اللي ناقص لأن عندي مشوار مهم
سأله منذر مستغربا
مشوار ايه ده
أجابه أخيه على عجالة وهو يضغط على شفتيه
بص هو بإختصار بنت عواطف التانية محجوزة في المستشفى!
ارتفع حاجباه للأعلى في استنكار مرددا بذهول
ايه
حذره دياب قائلا بضيق
أمها متعرفش وأنا رايح أشوف في ايه
سأله منذر بجدية بعد أن ارتخت ملامح وجهه المشدودة نسبيا
عرفت عندها ايه
رد عليه دياب بتوجس
ټسمم شكلها رمرمت حاجة من الشارع
أشار منذر بحاجبه متسائلا بتأكيد
يعني مش هاتقول لأمها
هز رأسه نافيا وهو يرد
مش دلوقتي هاشوف الدنيا ماشية ازاي هناك والوضع عامل ايه وبعد كده أعرفها كفاية أوي البلاوي اللي هنا
حرك منذر رأسه متفهما فالحال هنا ليس بالجيد مطلقا فهناك عدة مسائل لم تحل بعد.
رد عليه بتنهيدة متعبة
أها عندك حق عندنا كوارث وكلها متخصناش!
أضاف دياب بعفوية
قدرنا نشبك مع العيلة دي!
ابتسم منذر بتهكم وهو يرد
باين كده
ضړب دياب ذراع أخيه بكفه متابعا بنبرة عازمة
هاتوكل أنا وعلى تليفون !
رد أخاه عليه قائلا بإيجاز
طيب!
لم يعرف أحدهما بالخطأ الطبي الذي حدث أثناء محاولة إسعاف المړيضة. وبالتالي لم يشك أي منهما في صحة ذلك التقرير وبقي فقط اكمال باقي الإجراءات...
تساءل طه باهتمام وهو يرى ابنه البكري حائرا في مكانه
ماله دياب
أجابه منذر بغموض موجز
موضوع كده بيخلصه
سأله والده مستفهما وهو يرمقه بنظرات ذات مغزى
طب وانت دماغك فيها ايه
رد عليه ابنه بتذمر
المصېبة اللي اتوحلنا فيها
مد طه يده ليربت على ذراعه قائلا بتشجيع
معلش هما ولايا ومعهومش حد!
ايوه
دقق طه النظر في ذلك الكيس البلاستيكي الذي يحمله في يده وسأله بجدية
دي حاجة المرحومة
حدق منذر فيما معه وارتفع بأنظاره نحو أبيه ليجيبه
أه هي أنا استلمتها
أضاف والده قائلا باهتمام وهو يشير بعينيه نحو أشيائها
طب ما تشوف كده إن كان فيها حاجة تفيدنا ليهم قرايب ولا معارف أي حد مانكونش عارفينه
ماشي
قالها منذر وهو يفتح الكيس البلاستيكي لينظر بدقة في
محتوياته.
.......................................
استمعت لصوت دقات خاڤتة على باب غرفتها فهمست بصوت مجروح
ايوه خش!
فتح الباب بحرص ثم أطل برأسه أولا ليتفقدها قبل أن يدفعه للأمام ليلج كليا للداخل.
استدارت ببطء في اتجاه الطارق واتسعت عيناها مصډومة حينما رأته بشحمه أمامها.
رمشت بعينيها غير مصدقة أنه متواجد معها بالغرفة.
هتفت بنزق مصډوم وقد ارتسم على وجهها علامات الضيق
انت!
مرر دياب أنظاره على وجهها ثم رسغها المغروز به إبرة طبية وجسدها المغطى بالملاءة مجيبا إياها بهدوء بارد
لوشتي ايه بالظبط
حاولت النهوض من رقدتها لترد عليه بحدة رغم تعبها
ايه اللي جابك هنا وعرفت منين
أجابها بجمود وهو يعمق نظراته نحوها
اللي جابني رجلي! أما عرفت منين فدي مش صعبة يعني!
تأوهت بصوت خفيض لضغطها على كفها الموصول بالإبرة الطبية ثم ارتخت مجددا على الوسادة هاتفة بإنهاك وضجر
طب اتفضل من غير مطرود أنا....
وضع دياب يده على طرف ذقنه ليفركه بحركة ثابتة مقاطعا إياها بصرامة
انتي تسكتي خالص وتسمعي كلامي للأخر
احتدت نظراتها نحوه وكانت على وشك الانفجار فيه لكنه بادر قائلا
الموضوع مش مستاهل خناقات وأفورة في مصايب أكبر من اللي انتي فيه
صاحت فيه بصوت متحشرج منفعل وهي مسلطة أنظارها عليه
وانت ايش دخلك فيا أنا مش فاهمة أصلا انت جاي هنا ليه!
سكتت للحظة لتلتقط أنفاسها ومن ثم واصلت صړاخها مرددة
وبعدين حد طلب مساعدتك ولا....
قاطعها قائلا بصوت متصلب وهو يدنو من فراشها
مش محتاج أطلب انتي ملزمة مني لحد ما أمك تعرف!
ضاقت نظراتها أكثر وردت عليه مستنكرة محاولته فرض نفسه عليها بالإجبار
بصفة ايه ان شاء الله
أجابها بجمود متحديا عنادها
من غير صفة هو كده قوة وإقتدار..!
.........................................
فتش منذر في معظم محتويات الكيس البلاستيكي باحثا عن أي شيء يمكن أن يفيده.
تساءل طه باهتمام وهو يجوب ببصره عليهم
لاقيت حاجة يا بني
أجابه ابنه بضجر وهو يلقي بعدم مبالاة بالأشياء
موبايل قديم وكارت لوكاندة ومحفظة وحاجات مالهاش لازمة!
تناول الحاج طه البطاقة الخاصة بالفندق وأمعن النظر فيها جيدا ليعرف اسمه وعنوانه. ثم هتف قائلا
أدينا عرفنا المكان اللي كانوا أعدين فيه!
هز منذر رأسه دون أن ينبس بكلمة بينما تابع والده مكملا بنبرة مهتمة وهو يشير بإصبعه
شوفلنا في الموبايل ده رقم حد من قرايبها!
حدق منذر في وجه أبيه مرددا بغرابة من طلبه
وأنا هاعرفهم ازاي
رد عليه أبيه بجدية
أكيد هيبان يعني يا منذر مش محتاجة فقاقة!
ضغط ابنه على شفتيه قائلا باقتضاب
طيب!
زفر بصوت مسموع وتابع البحث في قائمة الأسماء الموجودة بالهاتف والذي لم يكن على درجة من الصعوبة للتعامل معه.
لم يجد به الكثير من الأسماء فقط قلة قليلة.
لفت أنظاره اسم الحاج فتحي وظن أنه ربما يكون على صلة قريبة بالعائلة فقرر أن يهاتفه أولا ثم يحاول مع شخص أخر.
وبالفعل ضغط على زر الاتصال به وانتظر بترقب رده عليه...!!!!
الفصل الثامن عشر
لوح بعصاه الخشبية في الهواء آمرا رجاله بإكمال عملهم في أرضه الزراعية فقد اقترب موسم الحصاد وهو يحتاج للتأكد من جودة المحصول وخلوه من الآفات.
رن هاتفه لعدة مرات لكنه لم ينتبه لرنينه المتواصل بسبب صوت الضجيج من حوله.
لاحظ هو تقاعص البعض منهم فهتف بصوت مرتفع محمسا إياهم
لو خلصتوا على قبل العصرية هتاخدوا يومية زيادة!
اجتهد الرجال أكثر بعد تحفيزهم ماديا..
دنا منه أحد الفلاحين مرددا بنبرة خشنة
يا حاج فتحي الواد خلف بتاع المواشي بيقولك يودي الجاموسة عند الحاج اسماعيل!
استدار ناحيته ورمقه بنظرات جادة قائلا بإستنكار
هو لسه مودهاش انت عاوز الحاج يزعل مننا
رد عليه الرجل معللا
لأ بس مكنش في مواصلة وآ....
قاطعه الحاج فتحي بغلظة وهو يضرب الأرض بعصاه بعصبية
تتصرف على طول هو كل حاجة لازم أعملها بنفسي!
أومأ الرجل برأسة قائلا بارتباك
حاضر يا حاج اعتبرها راحت عنده
لكزه الحاج فتحي في كتفه بقوة قائلا
مش بالكلام يا فالح!
ماشي يا حاج!
قالها الرجل وركض عائدا لينهي مهمته الناقصة.
اتجه الحاج فتحي بعدها ناحية الشجرة الموضوع أسفلها ذلك الشرشف النظيف ليجلس بإسترخاء عليه.
تأوه بإنهاك وهو يمدد ساقيه للأمام. وتمتم مع نفسه مرددا بازدراء
شغال مع بهايم محدش فيهم بيفكر خالص!
استشعر تلك الإهتزازة الخفيفة المنبعثة في جانبه فمد يده ليخرج هاتفه المحمول.
ضيق نظراته ليرى اسم المتصل لكنه لم يتبينه جيدا فقد حجب الضوء الرؤية في الشاشة بوضوح.
غطا جزءا منه بكف يده فبرز اسم حنان عليه.
لوى فمه للجانب محدثا نفسه بامتعاض
ودي عاوزة ايه
أجاب على اتصالها قائلا بصوت آجش
سلامو عليكم! أيوه يا حنان! ايه الأخبار
رد عليه صوت ذكوري غريب على مسامعه
انت الحاج فتحي
انتصب الأخير في جلسته متسائلا بجمود
ايوه مين معايا مش ده تلافون حنان هو وصلك إزاي وآ.....
رد عليه منذر بهدوء حذر مانعا إياه من الاسترسال في أسئلته
بالراحة عليا
متابعة القراءة