فإذا هوى القلب، بقلم منال سالم ( الجزء الاول)
المحتويات
الود بينا مكانتش أد كده!
حكت بسمة فروة رأسها متسائلة باهتمام
أها يعني كان في مشاكل بينكم
ردت عليها أمها بتنهيدة مطولة
قاطعتها بسمة غير مكترثة بحديثها القديم عن الخلافات الأسرية في عائلتها مرددة
بصي أنا مش فارق معايا ده كله المهم إنك تبيعي الخړابة دي وخلاص!
ما أهو أنا عشان أعرف أبيع لازم يوافق رياض
نفخت بسمة قائلة بضيق
يووه يا ماما أنا دماغي مش مركزة معاكي اعملي اللي انتي عاوزاه بس هاتلي أكل الأول
تفتكر البيعة هاتكمل باين فيها عوأ متاعب !!
رد عليه طه بنبرة رزينة
عواطف من يومها هبلة وعبيطة ومضيعة حقها!
بس أول مرة أعرف ان ليها أخ!
مط طه فمه للأمام ورد عليه بهدوء
أنا عارف من زمان تقريبا من وقت ما أمها دريت بإن جوزها خورشيد متجوز عليها واحدة تانية!
تابع مكملا بتأفف
وطبعا الدنيا قامت ومقعادتش وشغل النسوان والكيد شعللها أكتر!
تساءل منذر بجدية وهو يشير بيده
أجابه بصوت حازم
ثم أشار لابنه بسبابته محذرا
وإنت نبه على أخوك يهدى كده وبلاش شغل اللبش مع ابن أبو النجا
لوى فمه للجانب قائلا بإيجاز
ربنا يسهل!
جلست أسيف على مقعد أبيها الوثير الموجود في مكتبه بالمنزل متأملة الغرفة بعد رحيله.
حافظت هي على نظافتها وترتيب كل شيء بها كأنه سيعود لاستخدامها في يوم ما..
مدت أناملها لتتلمس قلمه الحبري وأوراقه بحذر شديد.
تسابقت عبراتها في النزول متأثرة من ذلك الفراغ الكبير الذي أحدثه في حياتها.
تحركت أنظارها تدريجيا للأمام حتى وقعت على صورته فتأملها في صمت وقلبها يعتصر آلما عليه.
مسحت دموعها بمنشفتها الورقية المهترئة وهمست بصوت مبحوح
أخرجت تأوهة حاړقة من صدرها وهي تستدير بمقعدها المتحرك للخلف لتتركها منفردة بنفسها.
أسند النادل كوب المثلجات البارد على الطاولة أمام ذلك الصغير الذي صفق بحماس لرؤيته إياه.
ابتسم دياب لابنه وهتف قائلا
كل يا يحيى!
تناول الصغير ملعقته وغرسها في الكوب مرددا ببراءة
حاضر
مسد دياب على شعر رأسه برقة مبتسما له بحنية.
ورغم شعوره بالبغض والحنق نحو أمه إلا أنه أخرج ابنه من حساباته معها فذلك الصغير لا ذنب له فيما حدث.
وعلى عكس صفات والدته الدنيئة إلا أن يحيى يحمل قلبا طيبا وأخلاقا كيسة بالرغم من صغر سنه الذي لا يتجاوز الست سنوات.
رن هاتفه برقمها البغيض فأشاح بوجهه الممتعض للجانب وأطلق سبة خفية مهينا إياها بشدة.
الټفت نحو ابنه مجددا وهمس له
خلص يا حبيبي عشان أمك جاية
ماشي
قالها الصغير وهو يلوك قطعة المثلجات في فمه.
ابتلعها بصعوبة بسبب برودتها وأضاف متحمسا
بابا أنا هاروح تمرين السباحة هاتيجي تشوفني
رد عليه بتكلف
إن شاء الله
أضاف الصغير يحيى بسعادة
ماما جابتلي مايوه جامد أوي
ظهر النفور الممزوج بالإزدراء على دياب وتمتم
من بين أسنانه بسخط خاڤت
تقولش جابته من أبعدية أبوها ماهو من فلوسي!
تساءل يحيى بصوت مرتفع
بتقول ايه يا بابا
ابتسم قائلا بتصنع
ولا حاجة خلص أكل انت بس
حاضر
بعد عدة دقائق حضرت ولاء إلى المطعم وهي متأنقة كعادتها مع فارق أنها ترتدي ثيابا ڤاضحة للغاية تكشف أكثر مما تستر وتضع مساحيق التجميل بكميات زائدة.
نظر لها دياب باحتقار ووضع نظارته الشمسية على وجهه ليخفي نظراته الساخطة نحوها.
شعور رهيب بالحنق والڠضب بدأ في التسلل داخل خلاياه بشراسة وهو يراها مقبلة عليه.
تعمدت هي التغنج بجسدها أمامه لتثير استفزازه أكثر ولكنه تجاهلها بإشاحة وجهه للجانب..
وقفت قبالته وهتفت بدلال
هاي دياب! ازيك
رد عليها بنبرة متأففة ليشعرها بدونيتها
خدي يحيى وامشي
جلست على المقعد الشاغر ووضعت ساقا فوق الأخرى مبتلعة إهانته لها وهتفت ببرود
أنا كنت عاوزة اكلمك في مصاريف يحيى الأخيرة و...
قاطعها قائلا باقتضاب وهو ينتفض من مقعده واقفا
انتي مش بيوصلك اللي اتفقنا عليه مالكيش زيادة عن كده!
أنزلت ساقيها لتقف هي الأخرى في مواجهته هاتفة بضيق
أنا مقولتش حاجة بس الولد محتاج لبس جديد كل القديم بتاعه صغر عليه وأنا....
قاطعها مشيرا بكف يده لتصمت وهو محدق في الفراغ متجنبا النظر إليها
هابعتلك كام طقم جديد معاه المرة الجاية!
هزت رأسها بإيماءة خفيفة وابتسمت قائلة بنعومة
اوكي بس انت هاتعرف مقاسه و....
لم يهتم بمتابعة جملتها بل دس يده في جيبه ليخرج بعض الأموال منها وقڈف المبلغ الخاص بثمن المثلجات وفنجان قهوته على الطاولة.
حدقت فيه بنظرات مشټعلة لتجاهله لها وزاد من غيظها أكثر انصرافه مبتعدا دون إضافة المزيد وكأنها نكرة غير موجودة على الإطلاق...
ضغطت على شفتيها قائلة پحقد دون أن تحيد بنظراته المحتدة عنه
ماشي يا دياب بتسبني وتمشي ماشي مسيرك هاترجعلي تاني!
بحثت عواطف في أوراقها القديمة الموضوعة بداخل الكومود الموجود بغرفة نومها عن أي شيء يخص أخيها رياض.
لم تجد شيئا مفيدا بعد بعثرتها لهم على فراشها فمعظمها أوراق غير مهمة.
يئست هي من كثرة البحث فجمعتهم سويا لتضعهم في مكانهم لكن لفت انتباهها تلك الورقة المطوية التي سقطت منها سهوا على الأرضية.
انحنت لتلتقطها ثم فتحتها وهي تعتدل في جلستها.
حدقت فيها بنظرات متأنية وتهللت أساريرها قليلا حينما قرأت ما دون بها.
تنفست عواطف الصعداء وهتفت لنفسها
الحمدلله لاقيت رقم تلافون أخويا!
تركت ما في يدها ونهضت عن الفراش وهي ممسكة بالورقة الصفراء الصغيرة.
خرجت من الغرفة متجهة نحو الهاتف الأرضي وهي تتلهف شوقا لمهاتفة أخيها.
ربما قد حانت الفرصة للتصافي معه والتقارب مجددا بعد تلك القطيعة الطويلة.
وسيكون الدكان هو حجتها لهذا.
وضعت السماعة على أذنها وضغطت على الأزرار منتظرة بترقب إجابته عليها.
ابتلعت ريقها بتوتر وتسارعت أنفاسها نسبيا ثم بصوت مرتبك هتفت متلهفة حينما سمعت تلك الأنفاس الهادئة عبر الطرف الأخر
ألوو رياض !!!
يتبع الفصل التالي
الفصل الرابع
استمعت حنان إلى ذلك الصوت النسائي حينما رفعت السماعة لتجيب على رنين الهاتف الأرضي المتواصل فردت بهدوء على المتصلة
أيوه
ارتبكت عواطف من النبرة الأنثوية التي أجابت عليها وتلعثمت متسائلة بتوتر
هو.. هو مش ده..... رقم الأستاذ رياض خورشيد
تنهدت حنان بعمق وهي تجيبها بنبرة حزينة
اه هو!
ابتلعت عواطف ريقها ساءلة إياها بحذر
طب.. ممكن تدهوني أكلمه
أخفضت حنان نظراتها حزنا وردت عليها بصوت شبه مخټنق
للأسف مش هاينفع!
توجست عواطف من إنهاء المكالمة دون أن تحقق غرضها فهتفت بصوت متلهف وقلق
ليه أنا.. أنا أخته على فكرة أخته عواطف!
انتبهت حنان إلى اسمها الذي استدعى إلى ذاكرتها الكثير فرددت بنبرة شبه مصډومة
عواطف!
تابعت عواطف قائلة في محاولة يائسة منها لإبقائها على الخط
أنا عاوزة رياض أخويا في مسألة كده
ابتلعت حنان غصة مريرة في جوفها وردت بصعوبة
مش هاينفع!
زاد قلق عواطف من أسلوبها الجامد في الحديث وهتفت متسائلة
ليه بس إنتي.. إنتي حنان مراته صح
أجابتها حنان بهدوء مشحون بالكثير من المشاعر الأليمة
ايوه يا عواطف أنا مراته!
هتفت عواطف قائلة بإصرار
خليني أكلمه الموضوع والله ضروري و....
قاطعتها حنان بنبرة ملتاعة
رياض أخوكي تعيشي انتي!
شهقت عواطف مصډومة حينما وقع على مسامعها تلك الكلمات الموجزة.
خفق قلبها بشدة وصړخت بلا وعي
ايييييه رياض ماټ!!
انتحبت حنان متأثرة وهي تجيبها
ايوه
تساءلت عواطف بنبرة مجذوعة وهي تحاول استيعاب الأمر
امتى وازاي
وضعت حنان سبابتها على طرف أنفها وهمست بصوت مخټنق بعد أن سابت عبراتها الحزينة
أعذريني! مش هاقدر أكمل المكالمة سلامو عليكم!
وضعت السماعة في مكانها ويدها ترتعش بشدة وأصدرت أنينا مكلوما راثية زوجها الفقيد.
وقفت أسيف قبالتها وحدقت فيها بإستغراب متأملة حالتها.
كانت قبضتها لاتزال موضوعة على سماعة الهاتف ورأسها منكس للأسفل.
تساءلت أسيف بصوت قلق
مين يا ماما
رفعت حنان أعينها الدامعة لتنظر لها مطولا ثم أسندت كفي يدها على عجلتي مقعدها المتحرك وسارت مبتعدة عنها.
تفاجأت ابنتها بما تفعله ولحقت بها متسائلة بتخوف
ماما في ايه انتي مش بتردي عليا ليه
تجاهلتها حنان وأكملت بكائها الصامت دون أن تضيف أي كلمة مما أثار ريبة أسيف فألحت عليها متسائلة پخوف أكبر
ماما هو ايه اللي حصل
على الجانب الأخر أجهشت عواطف بالبكاء وتعالت شهقاتها المصډومة بعد أن تلقت تلك المفاجأة الموجعة عن ۏفاة شقيقها الأكبر رياض.
أظلمت عيناها وترنح جسدها من أثر الصدمة وبحثت عن أقرب مقعد لتلقي بثقل جسدها المنهك عليه.
هتفت لنفسها غير مصدقة
ياه يا رياض ټموت وأنا معرفش عنك حاجة تروح كده وأنا.. وأنا حتى ماقفش أخد عزاك!
تعالت شهقاتها أكثر وهي تنتحب بتآلم
منهم لله كرهونا في بعض وفرقونا آه يا خويا ربنا يرحمك كنت طيب زي أبويا آآه!
حضرت ابنتها بسمة على صوت عويلها وحدقت فيها متعجبة من بكائها الغريب وسألتها بفضول
خير يا ماما بټعيطي كده ليه
تقطع صوت عواطف وهي تجيبها بنبرة حزينة للغاية
أخويا رياض م.. ماټ!
حكت بسمة مؤخرة رأسها بإستغراب لم يبد عليها أي تأثر بما قالته وردت عليها بفتور
ماټ امتى
أجابتها عواطف بنبرة متشنجة
مش عارفة.. أنا لسه عارفة إنه ماټ!
مصمصت بسمة شفتيها بتهكم ثم أضافت بنبرة ساخطة وهي تهز حاجبها
حوش يعني الود والمحبة كانوا مقطعين بعضهم! ده احنا منعرفش عنه إلا اسمه يا ماما
لطمت عواطف على صدرها وكذلك فخذيها وهي تضيف بنواح
آه يا خويا اتظلمت وانت حي ومعرفتش أخد عزاك وانت مېت!
زفرت بسمة مستاءة من حزن والدتها الغير مقنع بالنسبة لها فالعلاقة بينهما كانت شبه منعدمة وبالتالي كل ذلك العويل والحزن لن يحدث فارقا معها لذلك صاحت بنزق
يووه سيبك من جو ندب الحظ ده يا ماما!
نظرت عواطف لها شزرا وتمتمت بكلمات مبهمة
فضغطت بسمة على شفتيها مانعة نفسها من قول المزيد من الحماقات.
دنت هي من أمها ومسحت برفق على ظهرها قائلة بجمود
الله يرحمه أهوو ارتاح من قرف الدنيا خلينا احنا في اللي جاي!
أزاحت والدتها يدها عنها ونهضت من على المقعد قائلة بعصبية
سبيني لحالي أه يا خويا آه!
تابعتها بسمة وهي تتحرك في اتجاه غرفتها بنظرات متعجبة للغاية ثم وضعت إصبعيها أسفل ذقنها لتضيف ساخرة
دي مالها دي أل يعني كان دايس البيت زيارات!!!!
إنتاب أسيف الفضول لمعرفة هوية المتصل بوالدتها والذي سبب لها تلك الحالة الكئيبة.
وقفت أمام الهاتف الأرضي تطالعه بنظرات متفرسة.
عضت على شفتها السفلى في حيرة وفركت رأسها بقلق.
وضعت سبابتها بين شفتيها متسائلة مع نفسها بتردد
أكيد اللي اتصل بيها ضايقها وهي مش هتحكيلي حاجة وأنا مش هرتاح إلا لما أعرف بالظبط ايه اللي حصل
زفرت بإستياء وتابعت حديث نفسها
طب أطلب الرقم اللي اتصل واسأله!
تجهمت ملامح وجهها أكثر بامتعاض وهي تقول
بس كده هاتكون حركة بايخة مني!
تنهدت بعمق وأضافت متسائلة وقد عجزت عن التفكير بوضوح
طب مثلا أقول إن الرقم ده كلمنا قبل شوية وأعرف مين بالظبط!
هزت رأسها نافية بشدة وتمتمت بصوت خفيض
مافيش داعي أنا أحاول أعرف من ماما مين اللي اتصل!
وبالفعل عقدت العزم على استدراج والدتها في الحديث لمعرفة هويته دون الحاجة للجوء لوسائل غير مضمونة.
سمعت بسمة
متابعة القراءة