وبقى منها حطام انثى بقلم منال سالم
المحتويات
وخجلها وتحاشيها أعين المارة فأصبحت صورتها عالقة بذهنه أكثر من عينيه ..
ظل متابعا مراقبا لها حتى صعدت على متن الحافلة التي ستقلها .. فقرر الانصراف بعدها ..
كان طيفها يشكل هالة فوق رأسه ظلت گسحابة مرافقة له طوال اليوم ..
ابتسم لنفسه إبتسامة لم تعرف الطريق إلى وجهه منذ زمن ..
أتكون هي ضحكته التي ستشرق
معها حياته يا ليتها تكون ويا ليتي أفوز بها
_ بداخل مبنى الشركة التابعة لمالك_
ألقى هو بالملفات في وجه المحاسب القانوني الخاص بالشركة .. ثم نهض عن مقعده وهدر به بصوت عڼيف مدوي وهو يوبخه
انا هوديك في ستين الف داهية .. انا تسرقني وتنخرب في الحسابات من ورايا عشان تطلعلك سبوبة!!
انت هتتحول للتحقيق فورا
رد عليه المحاسب پخوف وقد تندى جبينه بقطرات العرق فزعا مما سيفعله به رب عمله
ي.. يا مالك بيه حقك عليا والله ما هتتكرر تاني .. اا آآ....
قاطعه مالك صائحا پغضب جم وهو يطيح بباقي الملفات الموجودة على سطح المكتب أرضا
ده لو فضلت في الشركة اصلا!! ده انا هضيعلك مستقبلك ومفيش شركة هترضى تشغلك ياحرامي !
تعالي هنا فورا ياأنسة !!
_ لحظات وكانت السكرتيرة الخاصة بمكتبه تقف أمامه وقد انتابها الذعر من هذه الحالة التي بدى عليها رئيسها والتي لم تره عليها من قبل ..
ارتجفت أطرافها وهي تنطق متعلثمة في كلماتها
آآ.. اوامرك .. يامستر مالك
هتف بها مالك بقوة وهو يشير بسبابته نحو المحاسب وقد ظهرت عروق نحره الخضراء وسط بشرته التي أصطبغت بالحمرة الهائجة الأفندي ده يتحول للتحقيق ويتكتب في ملفه واقعة السړقة اللي قام بيها عشان يوم ما يفكر يشتغل في مكان تاني يلاقي بلوته في وشه !
حاضر يافندم
ثم صاح مالك بهما بانفعال شديد
أمشوا من وشي !!!!
_ تحركت السكرتيرة سريعا وهي تشير للمحاسب لكي يتبعها
بينما ألقى هو بثقل جسده على مقعده الجلدي ..
نظر نحو الأوراق المبعثرة على الأرضية بإزدراء ثم ضړب سطح المكتب بقبضته المتكورة
وزفر پغضب ثم غطى وجهه بكفيه يفكر فيما سيفعله حيال هذه الورطة ...
_ كانت إيثار بداخل المرحاض مع الصغيرة ريڨان حيث كانت تحممها داخل مسبحها الصغير
وضعت لها في المياه الكتير من الألعاب البلاستيكية والكرات الصغيرة لكي تهنأ بلحظات مرحة وسط حركة المياه الدافئة من حولها ..
.. نثرت إيثار بعض قطرات المياه على وجه الصغيرة لتلاعبها فقهقهت الأخيرة بحيوية وحماس وهي تبادلها تلك اللعبة التي أحبتها ..
وضعتها على الفراش ثم شرعت في إلباسهاا ثيابها وهي تتابع حركاتها بحب حتى ولجت إليها راوية وهي تتساءل بإهتمام
ها يامدام إيثار الأسهال وقف ولا لسه!
أجابتها إيثار وهي تحرك رأسها نافية وقد بدى عليها الضيق
لسه ياراوية انا اديتلها شاور عشان تفوق وان شاءالله على بالليل لما تاخد الدوا هتكون كويسة !
قضمت رواية على شفتيها حزنا ورددت بخفوت
ان شاء الله
أضافت إيثار قائلة وهي تكمل إلباس الصغيرة ملابسها
بقولك
إيه يا راوية اسلقي شوية خضار من غير ما تقطعيهم عشان نأكلها شوربة خضار
ردت راوية وهي تتحرك مبتعد من أمامها
حاضر
أمعنت النظر فيه .. كان الإطار يحمل صورة فوتوغرافية لسيدة جميلة ملامحها رقيقة وهي تحمل صغيرتها في يديها بحب وتقبل وجنتيها بحنان أمومي ..
وفجأة أشارت الصغيرة نحو ذلك البرواز وهي تغمغم ببراءة وصوت متلعثم
آآ .. مماما....
_ دنت إيثار من موضع البرواز ثم التقطته وقربته من كفي ريڨان الصغيرتين وهي تقول بنبرة حزينة
دي ماما!
_ كانت الصغيرة تحاول الامساك بوالدتها وكأنها مادية ملموسة محسوسة أمامها ولكنها فشلت بذلك فظلت ټضرب على زجاج البرواز بيدها الصغيرة في يأس ..
أحست إيثار بأن تلك الطفلة التي لا تشعر بشيء مما يدور حولها هي تفتقد والدتها..
وگأن شعورا لا اراديا قادها لفعل ذلك دون سوابق ..
شعرت بالشفقة عليها حتى قطع عليها لحظتها صوت الباب وهو ينفتح على مصرعيه ليدخل منه مالك ..
جاهد للسيطرة على قسماته المنفعلة ولكنه فشل بذلك هناك نيران مستعرة بداخله مشكلات لا حصر لها عليه حلها في وقت وجيز ومشاعر مضطربة يقاتل ظهورها ...
فقط رؤيته لصغيرته وقطعة قلبه هدأ من ثورته الهوجاء ..
تراجعت إيثار خطوة للخلف لتتحاشاه بينما تجاهلها هو و
اقترب من صغيرته ليحملها بين يديه ..
لاحظ إمساكها بذلك البرواز.. فأبتسم والحزن يخيم على عينيه ..
ثم أخذ نفسا مطولا وزفره على مهل وهو ينطق بصوت دافيء
مامي وحشتك !
تابعت إيثار المشهد الذي لمس أوتارها بشغف حتى وقعت عينيه عليها فحدجها بقسۏة عهدتها منه فارتجفت من نظراته وازدردت ريقها بتوجس ..
أولاها ظهره بعدم اهتمام و خرج حاملا طفلته نحو حجرته ليختلي بها لقليل من الوقت ...
_ كانت اللحظات الحميمية التي تجمعه بطفلته هي الأجمل والأشد لذة على الإطلاق ..
داعب أصابعها مدغدغا إياها فعلى صوت قهقهاتها فإستمتع بسماع صوتها الذي كان گالدندنة
أجل .. مرت السنوات ولم ينسى ماهية رائحتها المميزة ..
أغمض عينيه مستسلما لشوقه وحنينه الجارف لها ولكنه فتحهما فجأة وامتعضت ملامحه
سيبيني بقى حرام عليكي هتعملي إي فيا أكتر من كده !! سيبيني أرجوكي !!!!
_ ولجت راوية للغرفة بعد أن طرقت على الباب وأذن هو لها بالدخول فوقفت بين يديه وهي تسأله بتوجس
أحضر لحضرتك العشا يامالك بيه
أجابها مالك وهو يشير لها لتأخذ الطفلة
لأ خدي ريڨان وديها للمدام عشان تأكلها وأنا نازل أوضة المكتب !
_ التقطت منه الصغيرة وهدهدتها برفق ثم تحركت لتترك الحجرة وعيني مالك معلقة بابنته حتى اختفت عن أنظاره .
_ كانت الساعات تمر عليها گالدقائق وهي جالسة مع الصغيرة
ريڨان..
انتهت من إطعامها
واطمئنت على استقرار معدتها بعد أن تأذت بفعل تغيير درجات الحرارة .. ثم احتضنتها وسردت عليها القصص البسيطة التي تصل لعقلها الغير واعي حتى غاصت ريڨان بنوم ثابت وعميق ..
غطت وجهها بعطايا قبلاتها المتعددة ثم تحركت بحذر شديد وهي تسحب يدها من أسفلها ..
جمعت حوائجها وعلقت حقيبتها على كتفها وخرجت لتبحث عن مالك لتبلغه بمواعيد الدواء المنتظمة لكي يأخذ حذره في غيابها خاصة في الليل ..
_ في نفس التوقيت غفا مالك بإرهاق وتعب بعد أن قضى عدة ساعات وهو يطالع الكثير من الملفات..
آلمته عضلات جسده لذا قرر أن يعطي لنفسه فسحة ليجدد نشاطه فقام بإراحة رأسه للخلف قليلا ولكن غلبه النعاس وتحكم سلطان النوم على عينيه ..
بحثت إيثار عنه في بهو الڨيلا ولكنها لم تجده ..
بنفس اللحظة لمحت أضواء المكتب المنارة فتوجهت بخطوات مترددة نحوه
احتارت في طريقة إبلاغه برسالتها عضت على شفتها السفلى وتساءلت مع نفسها بقلق هل تبلغه بهذا شخصيا أم تترك له رسالة مع الخادمة راوية
خشت أن يتهمها مجددا بالاهمال وعدم التفاني في عملها فحسمت رأيها في النهاية بإبلاغه شخصيا ...
وبالفعل تحركت بثبات نحو الغرفة ثم طرقت بخفه على الباب قبل أن تلج للداخل ..
ولكنها تفاجئت بهيئته .. كان الشحوب يبدو عليه وكأن أصابه الأعياء وبدى عليه الأرق وقلة النوم ..
أشفقت عليه وهي تتطلع لملامحه بحنين لهذا الغريب وكادت تخرج وتتركه كما هو دون إزعاجه ولكن ما أثار انتباهها هو الكثير من الأوراق المتبعثرة يمينا ويسارا على سطح المكتب فقامت بترتيب الأوراق دون أن تصدر صوتا.. ولكنها قرأت ما حوته بفضول .....
_ ما هذا الهراء!
هكذا حدثت نفسها عندما لمحت الكثير من الأخطاء والسړقة الواضحة كوضوح الشمس في وضح النهار ..
فنظرت له مليا ثم حسمت رأيها بأن تجمع الأوراق وتطلع عليها بالخارج لتكون على حريتها ..
هذا التخصص في أساس الأمر تخصصها وهي قد اشتاقت له نعم لقد سنحت لها الفرصة من جديد لتمارسه
خرجت من الحجرة بهدوء والتفتت برأسها لتلقي عليه نظرة أخيرة متأملة قبل أن تغلق الباب عليه بحذر ..
قام بشد ذراعيه للأمام تارة وللخلف تارة أخرى حتى يتمكن من تحريك كامل جسده ..
تحرك وهو يعرج بقدميه للخارج ولم ينتبه مطلقا لوجود هذه الأوراق ..
نظر في ساعة يده فعلم أن الوقت مازال أمامه لينال قسطا من الراحة قبل الذهاب للعمل .
_ وأثناء سيره باتجاه الدرج لمح أوراقه على الطاولة المجاورة للأريكة ..
اتسعت حدقتيه بذهول بعد أن فركهما جيدا وبلمح البصر كان قد اتجه نحوهم ..
دقق النظر فيهم وظل يقلبهم ورقة تلو الأخرى..
كانت إيثار قد وضعت اشارات عديدة بقلم ملون حول بعض الأرقام ورسمت بعض الدوائر الملفتة على أخطاء عديدة بهذه الحسابات ..
كان عملا رائعا بحق أثبتت فيه جدارتها لم ينس أنها كانت متميزة في مجال دراستها وهي ذكرته توا بمهارتها ..
مشاعر مضطربة ظهرت بداخله .. هل يوبخها على فعلتها أم يثني عليها لأنها سهلت عليه الكثير !!
تنهد بعمق وهو يتمتم لنفسه
_ وبعدين معاكي ياإيثار!
.. زفر أنفاسه المحتقنة وأمسك بهاتفه من جيب بنطاله ولكن لفت انتباهه أن الوقت ما زال مبكرا ولا يجوز الاتصال بها بهذا الحين فقرر البقاء مستيقظا بعد أن غابت عنه الرغبة في النعاس وجلس ينتظرها في الردهة ...
.................................................
_كانت إيثار في هذا التوقيت المبكر تعاني من ويلات الخۏف والذعر فوالدها على فراش المۏت ..
لا يستطيع التنفس ... روحه تنفلت من بين أصابعه
شعور مخيف وهي تتخيل أن ملك المۏت رائحته تفوح في المكان ..
كان ينظر لعائلته في لحظات سكرات مۏته وكأنه يودعهم بأنظاره بينما صاحت تحية هادرة بفزع
اتصرف يا عمرو يابني ابوس ايدك ماتسبش أبوك كده هايروح مننا
رد عليها عمرو بهلع شديد
كلمت الدكتور وقالي هييجي حالا على هنا
هتفت إيثار بړعب
وقد تسببت الصدمة في ارتعاش أطرافها وتناثر حبات العرق على جبينها
طب آآ.. نوديه اي مستشفي او اي قسم طوارئ بسرعة !!!
هتف عمرو متلهفا وقد طرأ بباله فكرة
انا هروح اجيب عربية اسعاف من المستشفي اللي جنبنا حالا !!
صاحت تحية پخوف وهي تلوح بيدها له
بسرعة يابني !
_ شهق رحيم بشهيق متقطع مخيف ثم اتسعت حدقتيه بصورة أخافت تحية وتلون وجهه بحمرة شديدة ثم لفظ أخر أنفاسه وأنظاره محدقة بالسماء ..
سكون رهيب حل في المكان
ذلك الجسد الذي كان ينبض قبل أقل من ثانية بالحياة أصبح جثمانا لا روح فيه ..
شحب وجهه وتجمد كالصنم ..
صړخت إيثار بقوة لم تعهدها من قبل
بابا ...!!!
تصلبت قدمي عمرو في مكانه على إثر صوتها المخيف ولم يستطع الاستدارة ليرى هول الفاجعة .....
صړخت إيثار مجددا بصوت يقطع نياط
القلوب وقد سبقتها عبراتها
باااباااااااااااااا............................... !!!!!!!!!!!!!
.................................................
الفصل الرابع والعشرون
وبات اللقاء بيننا محال
لن تأتي أبدا إلي
حتى وإن الزمان طال
فكل شيء بعدك أبي أصبح في
متابعة القراءة