وعد الريان بقلم اسماء حميدة

موقع أيام نيوز


لاتمام المهمة التي سافرت من اجلها الى الاسكندرية.
أحس محمد بانقباضه في صدره لفراق من احب في صمت فكم مؤلم ان يكون الشخص عاشقا حتى النخاع ومن احب لا يشعر بنيران قلبه الذي اضناه العشق فسلاما على قلوب أحبة ولم ترتوي بقرب الحبيب.
اخذته قدماه الى شاطئ النيل يشكوه الشوق والضنا فقد غادرت معذبته ولم يذق في حبها طعم الهنا. 

وبعد جولة من السير هائما على كورنيش النيل لا يعرف له وجهة لم يجد بدٱ من العودة الى منزله فقد مرق الوقت دون ان يشعر.
صعد محمد الى منزله وطرق باب المنزل لكي يعطي بعض الخصوصية لمن بالداخل فقد كانت سارة ابنة عمته مع أخته هاجر منذ أمس لعلمها بمغادرة وعد وهمس في الصباح الباكر وارادت ان تقضي الفتيات الاربعه مزيدٱ من الوقت فلقد تعلقن ببعضهن ولكل واحدة منهن جاذبيتها التي ميزها الله بها دونٱ عن غيرها.
بعد ما طرق محمد الباب سمع صوت تلك الصغيرة سليطة اللسان سارة فقد ذهبت زوجة خالها السيدة تحية الى السوق وتوجهت هاجر لشراء الخبز من الفرن على اول الحارة .
سارة ظنٱ منها ان الطارق هي هناء ابنة خالها.
سارة ايه يا زفتة مش معاكي مفتاح! تلاقيك نسيتيه يا مخبلة.
كانت تلك هي الجملة التي قالتها سارة وهي قابضة على قفل الباب تفتحه وأولت من بالباب ظهرها عائدة مرة أخرى الى الداخل .
فقد كانت تعلم ان محمد لن يعود الآن فهي تحفظ مواعيد ذهابه الى العمل فبعد تخرجه عمل موظفٱ صغيرٱ بالعلاقات العامة لأحد الشركات بعدما بحث كثيرا عن وظيفة في جميع الصحف لتناسب مجال دراسته ولكن اين له بدعم او وساطة ليجد هكذا عملٱ. 
وقد منعته كرامته كرجل عاشق ان يطلب من وعد يد المساعدة فوالدها في ذلك الحين لم ولن يصعب عليه شيئٱ.
فقد خشى ان تفسر مشاعره تجاهها طوال فترة دراستهم انه يطمع بمركز وأموال أبيها وليس ما يكنه لها من حب خالص لذاتها.
أما سارة بعد ما أدارت ظهرها لمن بالباب اتسعت حدقة عينيها وتسمرت بأرضها ففي أثناء أستدارتها علمت ان الطارق ليست هناء ولكنه محمد .
أخذ منها الأمر دقيقة حتى تستوعب ما عليها فعله فبعد أن قضت ليلتها هي وهناء يتسامرون مع وعد وهمس والسيدة نجوى والسيدة تحيه والدة محمد في الشقه التي استأجرتها الفتيات و بعدما تبادل الفتيات أرقام الهواتف ليطمئن على بعضهن البعض .
عند الفجر قاموا بتوديعهم وذهب محمد لتوصيلهم عادت الفتاتان سارة وهناء ومعهم السيده تحية إلى شقة السيدة تحية لينالوا قسطٱ من النوم . 
وعند دقات الساعة الحادية عشر استيقظت السيده تحيه وذهبت الى السوق لإحضار طعام الفطار والغذاء وقامت هناء بإيقاظ سارة وأعلمتها أنها ذاهبة إلى الفرن حتى تجلب الخبز .
وعندما دق الباب خرجت سارة تفتح ظنٱ منها أنها هي.
فقد كانت سارة بإحدى مناماتها القصيرة التي كانت ترتديها اسفل فستانها المحتشم الذي حضرت به الى منزل خالها رحمة الله عليه. 
فبرغم كونها غير محجبة فهي لازالت في عامها السادس عشر وقد تعدته ببعض الأشهر فبعد شهرين ستتم السابعة عشر ربيعآ هي تعلم أن عليها ارتداء الحجاب وكانت ستقدم بالفعل على تلك الخطوة ولكن الله لم يأذن بعد .
كانت منامتها القصيرة تكشف عن ساقيها البيضاء حتى ركبتيها بدون أكمام وفتحت صدر واسعة بعض الشيء.
محمد وقد بلغ به الڠضب منتهاه كيف لها ان تفتح الباب بتلك الهيئة ماذا لو كان محصل الكهرباء مثلٱ أو أي رجل اخر وحتى لو كان هو فهو لا يحق له ان يراها بملابسها هذه . 
و برغم انها توليه ظهرها الا ان الفكرة ذاتها جعلته في قمة الڠضب إلى جانب ما يعانيه بالفعل من آلام قلبه على فراق من أحب .
وكما يقول الشاعر اللي هو أنا طبعا ما قدرش على الحمار اتشطر على البردعة.
محمد بصوت چحيمي أنت يا هانم أنت ازاي تفتحي الباب وأنت كده ايه وصل بيكي الإستهتار أن مابقاش فارق معك أن حد يشوفك بالشكل ده الظاهر ان عمتي ما عرفتش تربي ده لو هناء اللي عملت كده كنت قطعت رقبتها.
لا لن تسمح له ان يتهممها في اخلاقها إلى هنا وستضع قلبها أسفل قدميها داعسة عليه بحذائها.
فمن يظن نفسه لينعتها بقليلة الرباية .
الټفت سارة إليه وقد نست ما ترتديه أو لماذا نعتها وسبها في أخلاقها وتقدمت منه خطوة كقطة شرسة ستهجم عليه بأظافرها.
وبرغم لمعة عينيها بالدموع ولكن لا ضعف بعد الآن فإذا كان مشغول بغيرها وحب آخرى منعه من رؤية من سواها ولكن عند كرامتها وكبريائها لابد وان تضع خطٱ أحمرٱ.
سارة على فكرة أنا مش هأقول لك إني كنت فاكراك هناء اللي نزلت تجيب عيش من الفرن واللي دايما بتنسى مفتاحها كل ما تنزل ويا أنا يا مرات خالي نفتح لها وإني كمان عارفة ومتاكدة إنك بتروح الشغل الساعه تمانية وما بترجعش إلا الساعة خمسة لأن حتى لو غلطت إني ما تأكدتش إن هناء هي اللي على الباب فده مش معناه إني قليلة الرباية لإني إتربيت في بيتكم مع أختك فلو كنت ما تربتش في التقصير منك أنت و إبتسمت بسخرية يا اللي بتقول عليا إني زي اختك الصغيرة.
أوووووووبا قصف جبهة.
قالت ما قالته دفعة واحدة ولم تستطع بعدها السيطرة على الدموع التي خانتها وفرت هاربة على خديها و أقسمت بداخلها أنها لن تخطو إلى هذا المنزل ما حيات.
يكفيها ألم قلبها فلم تجني من عشقه سوى الشقاء والحزن والضعف وهذا ضد شخصيتها .
أما هو فقد أحس بالڠضب من نفسه فمتى كان قاسې الى هذا الحد فهي مدللته الصغيرة التي كان يجلب لها الحلوى مثلها مثل هناء فكان يهتم بهما الاثنتين فهما عيناه وهو الجفن الحارس لهما كان يكبرهما بخمس او ست سنوات.
وكانت والدته وعمته يحملان بأحشائهما في جنياتيه الصغيرتين .
كأن والدته وأخت زوجها اتفقتا على ان يضيئا حياته بحوريتين من الجنة
فهو يتذكر جيدٱ عندما أتت والدته آلام المخاض .
حملها والده الى المشفى وأمره بالتوجه الى عمته وزوجها كونهم أقرب الأهل اليهم فهم يسكنون معهم بنفس الحارة .
واوصاه ان يخبرهم بأن والده أخذ والدته لأقرب مشفى لتضع حملها .
ولكون أبيه لن يستطيع الإهتمام بوالدته و بصحبته طفل صغير وهي تصرخ من الألم الذي داهمها عند الفجر فطمئنه والده واخبره أن يوافيه الى المشفى بصحبة عمته وزوجها و التي قد حدد لها الطبيب هي الآخرى ميعاد الوضع بعد والدته تحية بأسبوع .
ولكن عندما حضرت بصحبتهما الى المشفى الذي سبقه والده اليها ورأت عمته ما تعانيه زوجة أخيها من الم في الولادة انتابتها حالة من الخۏف والرهاب أدت إلى نزول ماء الجنين فإضطر الأطباء الى توليد الاثنتين في نفس الوقت والدته بغرفه الولادة الطبيعية والآخرى في غرفة الولاد القيصرية.
وعندما خرج الطبيبان كل منهما من غرفة الأخرى بالطفلتين اندفع الوالدين للاطمئنان على زوجتهما.
وذهب هو ليرى المولودتان فهو وقتها كان طفل صغير وجل ما يريده هو رؤية الصغيرتين
 

تم نسخ الرابط