اذا القلب هوى الجزء الثاني بقلم منال سالم

موقع أيام نيوز

دون داع واستدارت بها للخلف لتسير نحو وجهة محددة.. نحو وكالته
يتبع الجديد
الفصل التاسع والأربعون الجزء الثاني
أسندت الصينية التي كانت تحملها على الطاولة بغرفة حفيدها الوحيد ثم لت في وقفتها لتنظر لها بتمعن شديد دار في بالها أمر ما نحوها فقط تحتاج لتهيئة وترتيب الظروف ليتحقق مرادها.
تداركت شرودها السريع قائلة بترحاب ودود
اتفضلي الشاي!
رفعت بسمة وجهها نحوها لتنظر إليها مرددة بامتنان
شكرا مالوش لازمة واللخ أنا فطرت والحمدلله
ردت عليها جليلة بود أكبر وهي تشير بيدها
هو أنا عملت حاجة ده بس عشان زورك! ده انتي بتتعبي معاهم!
اكتفت بالابتسام لها لكن تحركت نظراتها نحو يحيى الجالس إلى جوارها حينما هتف متسائلا بحماس طفولي
مس بسمة كده صح
دققت النظر في الورقة التي أجاب عن أسئلتها البسيطة ثم وضعت يدها على فروة رأسه عابثة بخصلات شعره وهي تقول
اه يا يحيى برافو عليك!
رد عليها الصغير بسعادة غامرة
ييس!
تابعت بسمة قائلة بلطف وهي تشير إلى نقطة ما بالورقة
حل دي كمان!
هز يحيى رأسه موافقا وهو يقول
طيب!
أضافت جليلة بصوتها الجاد وهي تشير إلى طعامه الموضوع على مقربة منه
يا ريت تخلص أكلك كمان!
وافقتها بسمة الرأي فهتفت مؤكدة عليه بضرورة تناول طعامه
اسمع الكلام يا يحيى!
تنهدت جليلة هاتفة بامتعاض
قوليله يا بنتي والله مدوخني وراه في الأكل لما شكله بقى عدمان
عبست بسمة بوجهها ع زائف وعاتبته برقة
ليه بس كده يا يحيى انت المفروض تاكل عشان تكبر وتبقى قوي!
رد عليها الصغير ببراءة
ما أنا بأكل
ابتسمت له ثم وضعت يدها على طرف ذقنه وهمست له قائلة بنعومة
طيب خلص البسكوتة دي كمان عشان تيتة تتبسط منك
هز رأسه قائلا
ماشي!
تهللت أسارير جليلة لاستجابة حفيدها لأوامر معلمته وانصياعه لها دون مجهود يذكر وربما سيندمج الاثنان سريعا إن حدث ما تتمناه في اتقبل.
أفاقت من تفكيرها المتحمس قائلة
لو عوزتي حاجة نادي عليا معلش البت أروى في المدرسة مانفعش تغيب و.....
قاطعتها بسمة قائلة بهدوء
ما أنا عارفة هابقى اجيبها وقت تاني أنا قولت أستغل فرصة اني أجازة النهاردة وأجي أعوض ليحيى اللي فاته
شكرتها جليلة قائلة بامتنان
فيكي الخير يا بنتي!
ثم أولتها ظهرها وتحركت في اتجاه باب الغرفة.
طرأ ببالها أمر قد تناسته تماما ألا وهو إعطاءها أجرتها نظير مجيئها طوال الفترة الماضية لذلك التفتت برأسها متسائلة بجدية
صحيح النهاردة الحصة الكام
تنحنحت بسمة بحرج وهي تجيبها بخجل قليل
احم.. دي الأخيرة في الشهر!
ابتسمت لها جليلة مرددة
طيب يا بنتي اشربي الشاي قبل ما يبرد
اوكي!
تركتها بعدها جليلة لتواصل تدريسها للصغير وأغلقت باب الغرفة عليهما.
وقفت للحظة ملتصقة به تحدث نفسها بضجر
نسيت خالص أقول دياب يسيبلي فلوس الدرس كويس انه هنا!
التفتت برأسها أولا ناحية غرفته ثم خطت نحوها بخطوات متعجلة..
فتحت باب الغرفة بعد أن دقته مرة واحدة وهي تقول بتلهف
دياب يا دياب!
كان مشغولا بتعديل هيئته أمام المرآة بعد أن ارتدى ثيابه ليكتمل استعداده للخروج.
نظر نحوها متعجبا تلهفها الغريب وسألها مستفهما
ايوه يامه في ايه
ردت عليه بتساؤل غامض
بأقولك معاك فلوس
فكة
عقد ما بين حاجبيه مدهوشا
ليه في حاجة
أخفضت نبرة صوتها وهي تجيبه بجدية
النهاردة أخر حصة في الشهر لدرس ابنك يحيى والمفروض أحاسب بسمة وهي برا!
تنبهت حواسه كليا لعبارتها الأخيرة وارتفع حاجبه للأعلى مرددا باهتمام
ايه ده هي برا
ردت عليه بإلحاح
اه بس عاوزين نديلها الفلوس النهاردة مايصحش!
جمد تعابير وجهه وعاود التحديق لنفسه في المرآة قائلا بفتور متعمد وهو يرتب من ياقته
طيب أنا هاطلع أديهوملها بنفسي!
زمت جليلة ها قائلة بتوجس خفيف
بلاش لأحسن تتحرج منك اديهوملي أنا و....
لم ينتبه لباقي حديثها الممل وهتف هامسا محاولا إخفاء ابتسامته
هي دي بتكسف!
صاحت به بجدية
ها يا بني
رد عليها بجمود ثابت
ثواني بس يامه هاكمل لبس وأجيبلك اللي انتي عاوزاه!
ضغطت على ها قائلة على مضض
طيب
بس أوام!
استدارت عائدة من حيث أتت بينما بقي دياب في مكانه يدندن بصافرة خاڤتة وهو يمشط شعره للخلف.
لمعت عيناه ببريق خفي لكن لم يستطع إنكار تحمسه الرهيب لرؤيتها.
بوجهها المتصلب ونظراتها المشټعلة سارت بخطوات متعجلة نحو وكالته حتى وصلت إليها أخذت نفسا عميقا حبسته في ها لثوان قبل أن تطلقه دفعة واحدة لتضبط انفعالاتها أرادت أن تكون هادئة معه في جدالها القادم رغم أن الأمر بالنسبة لها شبه مستحيل.
ولجت للداخل متسائلة بصوت شبه متشنج وهي تجوب بأنظارها المكان
فين الأستاذ منذر
أجابها أحد العمال بهدوء وهو يشير برأسه
وراكي!
تفاجأت من رده الغير متوقع وانفرجت مصډومة نوعا ما..
ابتلعت ريقها واستدارت بها كليا للخلف لتواجهه.
أومأ منذر بعينيه للعامل بالانصراف فنفذ الأخير أمره الصامت توا.
سلط أنظاره عليها وظل محدقا بها دون أن تطرف عيناه لثانية بدا واثقا من نفسه وهو يتأملها بصلابته العجيبة كان متأكدا أنها عرجت بالدكان ومنعت من الدخول بالرغم من عدم مهاتفة أي أحد له حتى الآن. وصدق تخمينه حينما أخرجته من حالته المغترة صائحة بنرفزة
انت ازاي تمنعني أدخل دكانيهز كتفيه قائلا ببرود
عادي! انتي ناسية إني شريك فيه!
صاحت فيه بنبرة مرتفعة وهي تلوح بذراعها
ده مش يديك الحق تتصرف كده!
نظر لها من طرف عينه ثم دس قبضتي في جيبي بنطاله وتحرك بخطى ثابتة في اتجاه مكتبه قائلا بغطرسة
والله أنا حر في ملكي!
تابعته بأعينها المشټعلة من طريقته وهدرت فيه پغضب
دكاني مش بتاعك لوحدك أنا نصيبي أكبر منك!
أخرج كفيه من جيبيه رافعا كليهما أمام وجهها قائلا بلهجة قوية
حلو.. يعني في حاجة متفقين عليها إننا شركا فيه!
واصلت صياحها العالي هاتفة بإلحاح
أنا عاوزة أدخل دكاني
تحرك صوبها حتى وقف قبالتها ثم أجابها بثقة باردة
وأنا مش ممانع بس بشروطي أنا!
اتسعت مقلتاها بغيظ وهي تردد بعصبية
كمان بتتشرط عليا!
تعمد أن يتمط بذراعيه أمامها ليبرز قوته الانية ثم أولاها ظهره ليتجه نحو مكتبه معلقا عليها بجمود
طلبتها منك ودي وإنتي مرضتيش وعاندتي معايا فاستحملي بقى!
اغتاظت أكثر من استفزازه لها فتابعت قائلة بتشنج وهي تهدده بكفها
فكرك أنا مش هاعرف أدخل أنا ممكن
أبلغ البوليس وهما هيجبروك تمشي رجالتك وهافتح الدكان!
جلس على مقعد مكتبه ترخاء تام ورمقها بنظرات مطولة ثابتة وهو يجيبها ببرود
وماله هيدخلوكي يوم نقول اتنين تلاتة بس مش على طول يا بنت رياض!
إنت عاوز ايه بالظبط
اكتفى بالابتسام لها ثم أومأ بغموض بعينيه فاستشاطت ڠضبا منه لأنها لا تستطيع سبر أغوار عقله لت في وقفتها رافعة رأسها للأعلى ثم ضغطت على ها بقوة مانعة نفسها من التطاول عليه ظل محافظا على ثبات نظراته العميقة لها أخفضت رأسها وهي تدس يدها في حقيبتها فتابعها باهتمام ملحوظ عليه.
لم يتبين ما تفعله أسيف لكنها أخرجت منها حفنة مطوية من النقود وألقتها بعصبية على سطح مكتبه تحولت نظراته للحدة لكنه لم ينبس بكلمة. راقبها فقط بهدوء ممېت للأعصاب
هدرت فيه قائلة بازدراء وهي تشير بيدها
لو على اللي دفعته فيه فخد فلوسك أهي وهاجيبلك أدهم عشر مرات! 
ردت له متعمدة نفس عبارته السابقة حينما اتهمته بالسړقة لتزداد بعدها نبضات عروقه التي تدفقت إليها الډماء الفائرة بغزارة.
هو استشعر إهانة بالغة من تعاملها معه ومن طريقتها في مواجهته. هو ليس بحاجة إلى النقود لتكرر نفس حركته بنفس الحماقة المزعجة بالإضافة إلى أن شدته معها لسبب مختلف تماما عن الذي تعتقده هي.
أضافت قائلة بصوتها المنفعل
بس ابعد عني وعن اللي يخصني!
تصلبت عضلات وجهه وبدا متحفزا إلى حد كبير وهو يرمقها بنظراته الڼارية.
هتف بصعوبة من بين ه المطبقتين
لمي فلوسك يا بنت رياض! انتي عارفة كويس إني مش ناقص فلوس عشان أبص للكام ملطوش بتوعك دول!
صاحت فيه صاړخة بيأس
اومال عاوز ايه مني بتمنعني عن حقي ليه
صمت مجبرا أمام صياحها المتواصل عاجزا عن إيجاد إجابة مقنعة لها. فكيف يبرر أسبابه وهو نفسه لا يستطيع تفسير ردات فعله الغير عقلانية فيما يخصها.
تجمدت عيناه عليها وظلت تعابيره خالية من أي إشارات متأثرة رغم ثورته اتعرة بداخله.
ضجرت من صمته المريب فهتفت بتوسل رقيق
رد عليا لو سمحت! بتعمل كده ليه
أغمض جفناه لثانية ليسيطر على نفسه أمام نبرتها تلك. ثم فتحهما مكملا تحديقه الجامد نحوها وهو يهتف بنبرة جافة
مش فاضي أرد دلوقتي
أغاظها رده اتفز فتمتمت بحنق كبير رغم تلعثم كلماتها
إنت.. إنت.....
قاطعها قائلا بصلابة قاسېة متعمدا رد ما فعلته بالأمس معه
ممكن تتفضلي من هنا عندي شغل! شرفتي!
شهقت مذهولة من وقاحته الصريحة لم تتوقع ذلك منه هب منذر واقفا من مكانه وأشار لها بإصبعيه اللذين وضعهما على جبينه ليودعها وهو يتابع بجفاء
وتسلمي على جيتك متشكر يا بنت الأصول!
تجهم وجهها كثيرا ورمقته بنظرات أكثر اشتعالا عن ذي قبل نفخت بعصبية أمامه قبل أن توليه ظهرها وتخرج من وكالته خالية الوفاض في مسألة الدكان لكنها معبأة بمشاعر ڠضب مشحونة على الأخير نسيت أن تأخذ ما تركته من أموال على مكتبه فمد يده ليجمعهم.
رفع
النقود ڼصب عينيه يتأملهم بنظرات غامضة.
قطع تحديقه بهم صوت أبيه متسائلا تغراب
في ايه يا منذر قريبة عواطف بتعمل ايه هنا
أخفى النقود في درج مكتبه ثم أجابه بهدوء حذر
جاية عشان الدكان!
جلس طه على المقعد الملاصق للمكتب ونظر له بتفرس وهو يقول
أها قولتلي بقى شكلك كده.....
تنحنح منذر مقاطعا بخشونة
سيبك يا حاج من الحكايات الهايفة دي وخلينا نركز في الشغل أحسن
رد عليه طه بمكر رجل مسن خط الزمن عليه على مدار عقود
ماهو ده برضوه شغل ولا أنا غلطان!
تحاشى منذر النظر إلى أبيه واكتفى بالعبث فيما أمامه من أوراق ليظهر انشغاله بهم رغم أن عقله لم يتوقف عن التفكير فيها للحظة. تلك التي تحرك دوما شيئا بداخله وتجبره على متابعتها في كل الأوقات خاصة إن كانت غائبة عنه.
أوشك الوقت المخصص للدرس الخصوصي على الانتهاء فلملمت ما معها من أدوات تستعين بها ووضعتهم بداخل حقيبتها.
نظرت بسمة إلى قطعة الحلوى انودة على الفراش المجاور للطاولة وتساءلت بتعجب
مكملتش بسكوتك ليه
الټفت الصغير برأسه للخلف ثم نهض عن مقعده ليقفز في مكانه بمرح.
مالت هي بها ناحية الفراش ممددة ذراعها نحوها لتمسك بها حدقت فيها باندهاش عجيب من طريقة تناولها التي بدت غريبة عن المألوف.
رددت تغراب
وبعدين في حد ياكلها كده!
هز الصغير يحيى كتفيه نافيا وهو يقول
مش أنا والله!
ردت عليه مستنكرة
يعني هي اتاكلت لوحدها يا يحيى!
أجابها ببراءة
معرفش بس أنا مش بأكلها بورقتها يا مس
دققت النظر أكثر فيها هاتفة بغرابة أكبر
ورقتها
لفتها على الجانبين لتتفحصها عن كثب وهمست لنفسها بحيرة
شكلها غريب أوي دي متقرقضة من آ......
قاطع تفكيرها الحائر صوت يحيى هاتفا بصوت مرتفع وهو يشير إلى فراشه
مس بصي!
وجهت بصرها حيث أشار فرأت كائنا رماديا يمتاز بذيله الطويل وجلده الرمادي الخشن يسير على حافة الفراش.
هو جرذ صغير الحجم لكنه كان كفيلا ليثير هلعها فصړخت بلا وعي
هاه! ف... فاااااااااار!
هبت من مكانها مذعورة وواصلت صړاخها الهيستري
ماما فااااار!
انضم الصغير يحيى إليها وصړخ هو الأخر ولكن بضحكات مكركرة على طريقتها الخرقاء في القفز والركض نحو الشرفة.
ولج دياب على إثر صوتهما لداخل الغرفة فتفاجىء
تم نسخ الرابط