اذا القلب هوى الجزء الثاني بقلم منال سالم

موقع أيام نيوز

محذرة 
ما سمحلكش! 
أشار لها بعينيه قائلا بازدراء صريح 
فتحت فمها لترد لكن ألجم لسانها جملته حينما هتف قائلا 
يعني شغالة بالأجرة فيا ريت تلزمي حدودك!
هو أتى على كرامتها ولم يعط أي أهمية لعزة نفسها وحقر متعمدا من شأنها.
رفعت أنفها للأعلى في إباء وردت عليه بكبرياء ثابت 
انت صح بس ملعۏن أبو الفلوس اللي تيجي بالذل!
في تلك اللحظة تحديدا أدرك أنه تسرع في قوله وأنها ليست مجرد زلة لسان عابرة بل إهانة قاسېة للغاية هو حقا أساء التصرف معها.
هرولت بسمة في اتجاه الباب مانعة نفسها بصعوبة من البكاء أسفة على حالها.
ولجت للخارج صافقة الباب خلفها لتتجه سريعا نحو الدرج هابطة عليه وهي تشهق پبكاء مرير فقد اختنق ها ولم تعد تحتمل.
توقفت في الطابق السفلي لتلتقط أنفاسها اللاهثة حتى تمكتن من السيطرة على نوبة البكاء التي عصفت بها حملت نفسها اللوم لقبولها من البداية بإعطاء درس خصوصي لأبناء عائلة
حرب كان عليها أن ترفض مهما كانت الضغوط كفكفت عبراتها بكفيها ثم عاودت النزول على الدرج واضعة نظارتها على وجهها لتخفي خلفها عيناها الباكيتين. 
عنفت جليلة ابنها على وقاحته الفظة مع بسمة فهتفت قائلة بحنق موبخة إياه على تصرفاته الطائشة 
دياب ايه اللي عملته ده
لم يجبها بل وضع يده على رأسه ضاغطا بقوة عليها.
واصلت هي عتابها الشديد مرددة بلوم 
كده تحرجها بالشكل ده قصادي يصح كده برضوه
صاح بها بنفاذ صبر 
يوووه! أنا مش ناقص!
تابعت مرددة 
بسمة مغلطتش عشان تكلمها بقلة ذوق!
نظر لها بأعين حمراء وهو يرد بتشنج كبير 
سيبني في حالي دلوقتي! 
أكملت تكديرها له بتجهم 
ابقى قابلني لو عتبت هنا تاني! افرح دلوقتي يا ابن بطني!
كانت محقة في الإشارة إلى ذلك الأمر فهي حتما لن تعود إلى هنا بسببه ألقى بثقل ه على الأريكة ډافنا وجهه بين راحتيه بعد أن فركه عدة مرات بغل واحتقان. هو لم يكن في وعيه وتخطى حدود المعقول بعصبيته المفرطة.
تيقن أنه أخطأ معها وتصرف بفجاجة غير مبررة تجاهها وهي التي كانت تحاول فقط السيطرة على تهوره إن تمادى وفقد أعصابه مع فلذة كبده.
عادت خائبة الرجاء إلى منزل عمتها تجرجر أذيال الخيبة بعد أن فشلت في دخول دكانها فضلت أن تعتزل الجميع وتبقى حبيسة الغرفة كي لا تحاصر ئلة عمتها الفضولية أرادت أن تفكر بذهن صافي في وسيلة تمكنها من دخول الدكان دون الاشتباك معه جلست أسيف على طرف الفراش ملقية حقيبة يدها بإهمال إلى جوارها ثم تنهدت بتعب.
أرجعت ظهرها للخلف وأسندت قبضتها على جانب صدغها مستعيدة حوارهما المحتد في وكالته.
أغاظها رده لما فعلته معه دون مغالاة. هزت ساقها بعصبية وحدثت نفسها بتبرم 
مش عارفة أعمل ايه معاك انت طلعتلي بس منين
انتبهت لصوت الدقات الخاڤتة على باب الغرفة فلت في جلستها وهتفت بتحشرج خفيف 
ايوه
فتحت عواطف الباب وأطلت برأسها متسائلة باهتمام 
انتي جيتي يا بنتي
ابتسمت أسيف قائلة بتهذيب يليق بها 
اه يا عمتي!
عقدت عواطف ما بين حاجبيها متسائلة بعتاب لطيف 
طب ما عدتيش عليا في المطبخ ليه أنا بالصدفة سمعت صوت الباب جيت أشقر
عليكي!
ضغطت أسيف على قائلة بهدوء 
يعني.. محبتش أزعجك!
ولجت عواطف لداخل الغرفة قائلة بتبرم 
ازعاج ايه بس!
جلست هي على طرف الفراش ثم مدت يدها ناحية كف ابنة أخيها في راحتها.
نظرت لها بحنو وهي تقول بنبرة نادمة 
ده انتي بنت المرحوم الغالي آه لو الواحد يرجع بالزمن لورا كان صلح حاجات كتير قبل فوات الآوان!
لمعت عيناها ببريق متأثر هامسة 
الحمدلله
ها عملتي ايه في الدكان
عبست وجهها نوعا ما وزفرت قائلة بإحباط وهي تهز كتفيها نافية 
ولا حاجة!
زاد فضولها وهي تتساءل بعدم فهم 
طب ليه مش إنتي....
قاطعتها أسيف قائلة بتهكم حانق 
ماهو سي منذر باشا مانعني من دخول الدكان!
للحظة لم تستوعب هي الأمر لكن ارتخت تعابيرها عن ابتسامة راضية وهي تبرر فعلته الجادة 
خير ما عمل!
انزعجت أسيف من ردها وهتفت محتجة وقد اكفهر وجهها 
انتي معاه
أوضحت لها عواطف مقصدها بهدوء 
يا بنتي العيشة هنا في الحتة دي بالذات غير البلد عندكم ومجد الله ياخده وينجينا من شره بني آدم أعوذو بالله! بلاوي الدنيا فيه!
ردت عليها معترضة بصوت به مخټنق 
طب وأنا ذنبي ايه في ده كله أنا عاوزة أبني حياتي وأشوف مستقبلي!
مسحت عواطف على وجنتها بنعومة لتمتص انفعالاتها قبل أن تتطور
ثم همست بود 
وماله يا بنتي! بس بالعقل
اقټحمت نيرمين الغرفة عليهما بوجهها الساخط محدقة في أسيف بنظرات مشمئزة.
صمتت الاثنتان عن الحديث فأردفت هي قائلة بعها الدائم 
أنا نازلة شوية يا ماما!
التفتت عواطف ناحيتها متسائلة بضجر 
رايحة فين
أجابتها نيرمين بامتعاض 
ورايا كام مشوار عاوزة أخلصه
ثم وجهت أنظارها نحو أسيف لتحدجها بنظرات احتقارية متعمدة قبل أن تضيف بازدراء قاسې 
سلام
تنهدت عواطف مستاءة من أسلوبها الفج مع ابنة خالها مرددة 
وعليكم السلام!
تأملت وجه ابنة أخيها بحزن قليل ثم تابعت قائلة بتبرير محاولة التماس العذر لها 
متزعليش منها ادعيلها ربنا يهديها!
لم تعقب عليها أسيف واكتفت بإشاحة وجهها بعيدا لتحدق في الفراغ بنظرات شاردة.
التقت بها على الدرج في حالتها المحبطة تلك فمررت أنظارها بتفحص على تعابير وجهها الملكوم. 
سألتها نيرمين تغراب 
سحنتك مقلوبة كده ليه
صاحت فيها بصوت مخټنق 
ابعدي عني السعادي يا نيرمين أنا مش طايقة حتى نفسي!
ردت عليها أختها بسخط وهي تلكزها في كتفها 
الله! الله! انتي هتزعقلي طب اطلعي حطي بوزك في بوز أم النكد اللي فوق واندبوا حظكوا سوا! 
ثم اندفعت هابطة على الدرج لتحقق غرضها الذي سيقلب الأمور حتما في صالحها.
كان والده مصيبا في رأيه.. هي استحوذت على تفكيره وتسربت إلى أعماق خلاياه حتى تغلغلت فيها تشكل على شبح ابتسامة باهتة لا يعرف مها لكن مؤكدا هي ورائها.
أسند جبينه على أصابع كف يده وقام بحكه ببطء محاولا إجبار عقله على عدم التفكير فيها أعجبه أنها رغم غبائها المزعج تتحمل ما يمر عليها من ظروف قاسېة تسقط ثم تعاود النهوض من جديد. لا تستسلم مطلقا حتى وإن كانت تعانده في الخطأ.
تمتم مع نفسه بتنهيدة مطولة 
دايما تعباني يا بنت رياض ومش عارف أعمل معاكي ايه!
ما أزعجه منها هو تفكيرها الضيق والمحدود. تحكم عليه من ظواهر الأمور ولا تتريث في إتهامه في شيء تتناسى دوما أنه يقف إلى جوارها في أصعب أزماتها ولا يتركها تعاني أو حتى تتعرض للأذى ممن يتجرأ على فعل هذا استمر في تفكيره المتعمق بها غير مبال للوقت الذي مضى وهو على حالته تلك.
للحظة تجمد في مقعده فبات كالصنم وتصلبت تعابيره المرتخية كليا.
شخصت أنظاره وارتفع حاجباه للأعلى في ذهول غير متوقع.
هتف لنفسه پصدمة محاولا استيعابها 
لأحسن أكون.. ب... بأحبك!
فرك ه بقبضته الغليظة وهو ينفث من فمه دخان الأرجيلة الموضوعة إلى جواره حدق في أوجه المارة الذين يمرقون على الرصيف الملاصق للمقهى بنظرات حادة غير مكترث بهم.
الټفت قليلا برأسه للجانب ناظرا بطرف عينه وهو يهتف بصوته المتحشرج 
غير الفحمة ياض!
رد عليه صبي المقهى بهتاف مرتفع 
حاضر يا معلم مجد! وعندك واحد حجر وصاية للمعلم أبو النجا كبير المنطقة وصلحه!
لمحته من على بعد وهي تتحرك بخطى حذرة في اتجاه المقهى التوى ثغرها بابتسامة خبيثة فقد أوشكت على فعل ما تريد.
جمدت تعابير وجهها كي لا يظهر تلهفها ثم أسرعت في مشيتها نحوه.
وصلت إليه فأخفضت يدها المتشبثة بحافظة نقودها وهتفت بهدوء حذر 
أستاذ مجد عاوزاك في كلمتين!
حجب ظلها أشعة الشمس عنه فاستدار ببطء نحوها.
نفث بغزارة في وجهها وهو يرمقها بنظرات متفحصة لها.
سألها بصوت ثقيل 
انتي مين وعاوزة ايه
ردت عليه بجمود وهي تضع يدها على منتصف خاصرتها 
مش معقول ماتكونش عارفني 
هتف بتهكم 
محصليش الشرف!
انتصبت في وقفتها قائلة بتفاخر ملحوظ 
عموما أنا بنت الحاجة عواطف خورشيد أكيد عارفها!
رد عليها بإهانة مسيئة 
أها الولية الخرفانة دي!
اغتاظت من سبابه لوالدتها
فهتف ملوحة في وجهه بصوت محتد 
ما تتكلم عدل عن أمي!
طرق بعصبية خرطوم أرجيلته على الطاولة الخشبية الصغيرة صائحا فيها بغلاظة شرسة 
جرى ايه يا ولية إنتي التانية جاية لحد عني وهتلبخي أنا لساني زفر ومابيفرقش معايا.
ردت عليه بعصبية قليلة 
ما إنت اللي غلطت الأول
نفخ بغيظ وهو يلتقط بكفه 
اللهم طولك يا روح لخصي في أم يومك ده!
ردت عليه على مضض وهي تضم كفيها معا 
ماشي.. منذر حرب!
وكأنها بلفظها لاسمه هذا قد أوقدت نيران غضبه المكتومة بداخله فتشنجت تعابير وجهه للغاية واشتعلت عيناه بوميض محتقن.
أعاد ضړب الطاولة بخرطوم الإرجيلة بانفعال واضح وهو يردد بسخط لاذع 
يادي اليوم ال....... اللي مش عاوز يعدي جيبالي سيرة ابن ال...... ده ليه!
تأففت من كلماته النابية وعبست بوجهها قائلة بحذر 
اسمعني للأخر احنا مصلحتنا واحدة
نظر لها شزرا وهو يرد باشمئزاز ساخر منها 
مصلحتنا هأو يا مصلحة ومع مين مع ال...... ده!
عنفته على طريقته قائلة بصوت مزعوج 
أعوذو بالله من لسانك ده! مشرط الله أكبر!
رد عليها مجد بنفاذ صبر 
قلبتي نافوخي يا ولية انتي وطيرتي الحجرين اللي بأظبط فيهم من الصبح!
جلست على المقعد الشاغر المجاور له وهتفت قائلة بخبث 
خلاص اصبر وهاقولك اللي عاوزاه!
صاح بها باقتضاب متجهم 
انجزي!
توهجت حدقتيها بوميض شيطاني وهي تستأنف حديثها قائلة بتريث 
شوف يا سيدي دلوقتي إنت مش بتطيق سي منذر صح
أغضبه وصفها لغريمه اللدود بلقب ال سيد
سيدك هو مش أنا يا حرمة!
ابتلعت إهانته على مضض وردت بنبرة مكفهرة متحاشية إغضابه 
ماشي.. ماشي بس بلاش طولة لسان معايا أنا هاجيلك في الكلام!
صاح بها بتأفف 
اخلصي يالا!
أخفضت نبرتها لتبدأ في شرح خطتها الماكرة قائلة 
كل الحتة عارفة العداوة اللي بينكم وفاهمين كويس إن عمركم ما هتبقوا حبايب ولا هتتصافوا أبدا إنت عاوز تضره زي ما هو بيضرك بس لو عاوز تعلم عليه صح يبقى تاخد منه البت اللي هو حاطط عينه عليها!!!!
انتبهت حواسه لتلك الكلمة الأخيرة وتحفزت الډماء بداخله على ذكر الموضوع ثم ردد من بين ه 
بت!
ابتسمت هي لنجاحها في الحصول على اهتمامه وتابعت قولها بهدوء مريب 
أها.. هي بنت خالي بس تطيق العمى ولا تطيقه وهو عمال يتمحك فيها بس هي مش مدياله ريق خالص!
ضاقت نظراته للغاية حتى باتت غير مريحة ثم الټفت نحوها متسائلا بخبث 
مين دي
التوى ثغرها بابتسامة عابثة وهي تجيبه مشيرة بحاجبيها 
أسيف رياض خورشيد
نفخ دخان الأرجيلة الذي استنشقه منها دفعة واحدة وهو يردد باهتمام 
خورشيد! الاسم مش غريب عليا أنا فاكر إني قريته هنا!
أزالت حيرته سريعا بترديد 
يكونش قصدك على الدكان بتاعنا
أومأ برأسه إيجابا وهو يقول بحماس 
أيوه هو الدكان
تنهدت بحرارة أمامه متعمدة استفزاز أحاسيسه اتشاطة من غريمه 
ماهي شريكة فيه مع حبيبك!
تجهم وجهه وهو يردد بنبرة قاتمة 
حبيبي!
أوضحت برقة مصطنعة 
قصدي سي منذر!
حل الوجوم على قسماته بالكامل وصمت لبرهة يفكر فيما قالته بتمعن شديد.
فرك طرف ذقنه بيده متسائلا بغموض 
وانتي هاتستفيدي ايه من الحكاية دي كلها
أجابته بفتور وهي تهز كتفيها 
ولا حاجة أنا بأعمل معروف لله!
كركر ضاحكا بصورة مستفزة وهو يضيف ساخطا 
معروف لأ ضحكتيني يا ولية!
نهضت من على المقعد قائلة بعدم اكتراث 
عموما فكر براحتك في اللي قولته ولو ملكش الغرض بناقص خالص
تم نسخ الرابط