قطة في عرين الأسد بقلم بنوتة أسمرة

موقع أيام نيوز

كان لكن هيهات .. القلب الذى دق من جديد لم تكفى قوته لإخماده واسكاته مرة أخرى .. أكثر ما كان يؤلمه هو رغبته فى الإطمئنان عليها .. لو علم فقط أنها بخير وسعيدة فى حياتها لربما ارتاح قلبه قليلا وخف عڈابه .. لكن عدم معرفته بحالها كاد أن يصيبه بالجنون .. أخذ يفكر فى آخر محادثة بينهما .. وفى كلماتها عن ماجد .. وعن الحب الكبير الذى جمعهما .. وعن كونه كان الدافئ لها بعدما فقدت كل عائلتها .. كان الدعامة التى ارتكذت عليها ومنعتها من الإنهيار .. كان يملء فراغ وحدتها القاتله .. أخذ يقارن بين ما فعله هو وما فعله أخوه .. هو تركها فريسة للوحدة .. طردها من بيته وأرغمها على البقاء فى عزلتها .. حرمها من صحبة أمه وأخواته وهو واثق تمام الثقة أنها أحبتهم حبا خالصا من قلبها .. تركها فى بيتها بمفردها وهو لا يعلم أتخاف من البقاء بمفردها أم انها اعتادت الوحدة .. اتخاف من النوم بمفردها ليلا .. أتسيطر عليها هواجس بإقتحام لص لمنزلها .. كيف تقضى طلباتها .. كيف تقضى أوقاتها .. رغما عنه شعر بالخۏف يجتاح كيانه .. خوف عليها ومنها .. أراد أن يهرع اليها قسرا وألا يتركها أبدا .. لكنه تذكر كيف كانت تصر على طلب الطلاق .. كيف أوضحت له مدى عڈابها بإبتعادها عن ذكريات حبيبها الراحل .. كيف أنها مرغمة على هذه الزيجة وأنها تود الخلاص منها والعودة لبيتها .. اذن فهى سعيدة .. سعيدة بهذا الطلاق الذى أراحها من حمل أثقل كاهلها .. سعيدة لأنها تخلصت منه ومن كل ما يمت له بصله .. لكن لماذا لم يرى السعادة فى عينيها وهما ذاهبان للمأذون .. لماذا لم ير تلك السعادة بعد أن ألقى على مسامعها كلمة الطلاق .. لماذا لم يرى تلك السعادة على وجهها وملامحها وفى عينها وهو يودعها أمام باب بيتها .. إن كانت سعيدة حقا لماذا لم يبدو ذلك عليها !!
جلست مريم على أريكتها تشاهد التلفاز .. شعرت پألم فى بطنها فتذكرت بأنها لم تتناول شيئا منذ يومين .. قامت بتكاسل الى المطبخ وفتحت الثلاجة لتجدها فارغة .. تذكرت أن طعامها نفذ ونسيت أن تشترى ما تسد به جوعها .. ذهبت الى غرفتها وارتدت ملابسها بآليه وكأنها آله نفذ منها الوقود وتحتاج اليه فقط لتستمر فى العمل .. بلا أى شعور بالإستمتاع .. ولا بالحياة
أوقف مراد سيارته على بعد عدة أمتار من بيتها .. أوقف عمل المحرك ورفع رأسه لينظر الى شرفة بيتها المظلمه .. نظر الى الشباك المجاور للشرفة ليجد النور مضاءا .. اذن فهى فى البيت .. ترى ماذا تفعل الآن .. لا يعلم لماذا جاء هنا .. وماذا يفعل هنا .. وماذا يريد .. كل ما يعلمه هو أنه شعر أنه يجب أن يكون هنا .. حيث هى .. لا يراها لكنه يشعر أنه .. وهذا الشعور يريح قليلا قلبه المكلوم .. لم يصدق عينيه وهو يراها تخرج من بوابة البيت .. ظن بأنها هلاوس بصرية من كثرة تفكيره بها .. لكن دقق النظر ليجدها هى .. مريم .. ترى أيتخيل أنها فقدت وزنها أم أنها ضعفت بالفعل .. كانت واجمة تنظر يمينا ويسارا لتعبر الطريق ونظرة حزن عميقه فى عينيها .. شعر وهو ينظر اليها بمدى شوقه لرؤيتها .. للحديث معها .. حتى ولو كان شجارا .. حتى ولو كان صړاخا .. افتقد صوتها افتقد عينيها افتقد ابتسامتها التى قلما رآها .. عبرت الطريق لتتوجه الى السوبر ماركت أمامه .. أدار المحرك ورجع بسيارته الى الخلف ليخفيها خلف سيارة أخرى مرصوصه على جانب الطريق .. راقبها وهى تخرج من السوبر ماركت وهى ترقب الطريق مرة أخرى لعبوره .. ود لو خرج من سيارته وتوجه اليها .. لكن بأى صفة سيتحدث معها .. وماذا سيقول لها .. قبل أن تهم بدخول البوابة أوقفها رجل ما .. ظل مراد ينظر اليهما بإمعان محاولا معرفة ما يحدث .. بالطبع لم يسمع الحوار الدائر بين مريم والرجل الذى قال لها 
لو سمحتى يا آنسه تعرفى فين صيدلية ......
قالت مريم بهدوء وهى تشير بيدها لتريه الطريق 
أيوة حضرتك ادخل الشارع ده وبعدين ادخل أول يمين
قال الرجل لها شاكرا 
متشكر أوى
شعر مراد بالغيرة والڠضب بداخله لحديثها مع رجل آخر .. كان من الواضح أنها تصف له طريق شئ ما .. ولم تتحدث الا لثوانى معدودة .. لكنه شعر بالغيرة الشديد لان حتى تلك الثوانى هو محروم منها .. دخلت البيت وأنظاره مثبتته عليها الى ان اختفت
عاد مراد الى بيته فخرجت ناهد من غرفة الجلوس تستقبله بعدما سمعت صوت السيارة .. عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت ببرود 
ان شاله
تم نسخ الرابط